صنّاع الأمل.. من تمكين الأمهات مهنياً إلى مساندة اللاجئين والابتكار في التعليم

دبي (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 05 فبراير 2020ء) في عامها الثالث ومع وصول المشاركات في مبادرة "صناع الأمل" إلى مستوى قياسي جديد بأكثر من 92 ألف مبادرة من 38 دولة، تبرز قصص ملهمة لأفراد ساهموا في غرس الأمل في مجتمعاتهم ومحيطهم، وأصبحوا بمبادراتهم قدوة في أخذ زمام المبادرة والمساهمة الإيجابية.

وصنّاع الأمل هؤلاء هم اليوم سفراء لقيم العطاء والعمل والإنجاز والتطوع ومد يد العون والمساعدة للآخرين في مختلف المجالات سواء الإغاثة أو التعليم أو الصحة أو البيئة أو تمكين المجتمع بمختلف فئاته. وكان لافتاً في دورة هذا العام تسجيل المشاركات النسائية النسبة الأكبر من أعداد الترشيحات التي قدّمها أفراد ومؤسسات رأوا في هذه المبادرات قبساً يستحق تسليط الضوء على من أناروه وقدّموا من وقتهم وجهدهم لتحقيقه.

أسماء صابر الشيمي، أم مصرية تحرص على واجباتها في تربية أطفالها ورعاية شؤون أسرتها، لكنها أرادت أيضاً توظيف تحصيلها العلمي والمعرفي الذي اكتسبته طوال سنوات عديدة من الدراسة والمهنة في عمل يعزز خبراتها ويحقق ذاتها ويدعم أسرتها ويقدم لها مسيرة مهنية تفتخر بها وتشعرها بأنها تنجز وتقدم لعائلتها ومجتمعها.

متخصصة في التسويق الإلكتروني، أطلقت منذ عام 2018 مبادرة "أكثر من أم" التي تتيح للأمهات تفعيل قدراتهن ومهاراتهن في مسارات مهنية متقدمة بالاستفادة من تطبيقات التكنولوجيا للعمل من منازلهن، والمساهمة الإيجابية في مدخول أسرهن.

المبادرة توظف تطبيقات التكنولوجيا لتمكين الأمهات وربّات المنازل من العمل في مجال التسويق الإلكتروني من منازلهن بشكل مرن وبساعات عمل اختيارية. وهي تعلّم الأمهات مهارات هذه المهنة وآليات العمل الحر.

واليوم توسعت المبادرة لتشمل دورات تدريبية عبر الإنترنت للأمهات في تخصصات متنوعة مثل التصميم، وكتابة المحتوى الرقمي، والرسوم المتحركة.

كما تقدم المبادرة دورات في فنون المشغولات اليدوية باستخدام الخامات المتوفرة بكثرة وفي متناول أغلب الناس مثل الشموع العطرية والجلود الطبيعية وتزيين الحلويات.

تقول أسماء إن الأهداف الأساسية لمبادرة "أكثر من أم" هي توفير الدعم والمساندة لكل أم وامرأة ومعيلة في إيجاد الفرصة المناسبة لها وفقاً لظروفها، وفتح آفاق إيجابية في حياة الأم العربية، وتغيير حياتها إيجاباً وحياة أسرتها للأفضل، وجعلها أماً منتجة وإيجابية بالاستفادة من التكنولوجيا وتطبيقاتها الذكية، وبالنتيجة إحداث تغييرات إيجابية في حياة الأسرة المصرية والعربية بما ينعكس على مؤشرات التنمية والسعادة وجودة الحياة في المجتمعات العربية.

تضيف أسماء أن المبادرة استطاعت تدريب مئات الأمهات المصريات وهي تتطلع لتدريب المزيد من خلال دوراتها المتنوعة التي تتوسع تباعاً، وتؤكد أسماء أن عدد المتطوعات في المبادرة تجاوز 20 متطوعة دائمة، إضافة إلى متطوعات مساهمات يقدمن جزءاً من وقتهن أو خبراتهن لتطوير الأداء والفرص والآفاق المتاحة للأمهات في العالم العربي للعمل والإبداع والإنجاز والتميز.

وبعد أن أصبحت المبادرة تقدم محاضرات توعوية في مجال التربية الأسرية وإدارة الوقت وتطوير المهارات وترسيخ الإيجابية لدى الأبناء والأسر، أصبح طموح أسماء الشيمي والمتطوعات في مبادرة "أكثر من أم" أن تتوسع المبادرة وتصل إلى آفاق أرحب لتصبح متاحة لكل امرأة عربية خاصة مع صعود مواقع التواصل الاجتماعي وتنامي عملها لتمكين المرأة العربية وتطوير منصة تعليمية افتراضية للمرأة العربية تساعدها على العمل المستقل والحر وتنظيم حياتها وتحقيق التوازن المنشود بين رعاية أسرتها وحياتها المهنية.

قاسية هي محنة الاقتلاع من الوطن، ومعاناة لا يشعر بها إلّا من عاش مرارة اللجوء تاركاً وراءه كل شيء طلباً للأمان له ولأسرته.

عائشة الشربتي، سيدة بحرينية رأت هذه المحنة وشاهدتها تتوالى فصولاً على شاشات التلفاز مع اللاجئين في أوروبا ولبنان ومن ثم لاجئي الروهينجا الذين تركوا ممتلكاتهم في ميانمار طالبين الأمان في بنغلاديش المجاورة.

عائشة لم تكتفِ بالتعاطف مع هؤلاء عن بعد، بل قررت أخذ زمام المبادرة ونزلت إلى الميدان تبحث عن أفضل السبل لتلبية احتياجاتهم الأساسية والمساهمة بأي وسيلة من الوسائل من خلال مبادرة "مع اللاجئين".

في مخيمات لاجئي بورما في بنغلادش تعمل عائشة دون كلل، بعد أن أخذت على عاتقها؛ دون رعاية من أحد، مساعدة اللاجئين الذين أنهكتهم الحرب في وطنهم وما صحبها من دمار.

تروي قصة مؤثرة عاشتها خلال إحدى زياراتها إلى مخيمات اللاجئين البدائية في بنغلادش، حيث كانت برفقة إحدى الجمعيات الخيرية المحلية أثناء حصر حاجات اللاجئين ومطالبهم، والذين إلى جانب الطعام واللباس والمياه الصالحة للشرب كان لمعظمهم طلب متكرر يعكس حاجاتهم لتأكيد وجودهم وهو الحصول على مرآة، حيث أنهم لم يروا انعكاس صورتهم في مرآة لأشهر ويريدون معرفة ما طرأ عليهم من تغيرات إثر هذا التهجير القسري، الذي كانت أيامه بمثابة أسابيع، وأشهره تعادل سنوات.

مشروعها "مع اللاجئين" انطلق منذ سنوات لمساعدة اللاجئين العرب في أوروبا ولبنان، ثم انتقل لدعمهم في أحدث مخيمات اللجوء وإحدى أكبرها في العالم وهي مخيمات الروهينجا في بنغلاديش.

لم يكن الأمر سهلاً عليها أن ترى أطفالاً يمشون في الأدغال بلا أحذية وفي بعض الأحيان بلا ملابس، حسب ما تصف عائشة التي رأت الأطفال في العراء يشربون من مياه الأمطار والسيول الجارية ذات المياه العكرة التي تسحب معها شوائب الأتربة والحشرات.

وفي ذات الوقت كانت ترى وجوه الآباء والأمهات الذين أنهكهم اللجوء، فلا حياة طبيعية ولا طموحات مستقبلية ولا هوية مادية أو نوعية حيث أنهم تركوا أوراقهم الثبوتية وراءهم.

تحاول عائشة أن تشارك على مواقع التواصل الاجتماعي ما تقدمه مبادرة "مع اللاجئين" من مساعدات لتحفيز الآخرين على المساهمة في مد يد العون والمساندة لهؤلاء اللاجئين الذين تجاوز عددهم المليون ونصف المليون لاجئ، معتبرة أن تعريف الناس بهذا النوع من المبادرات من شأنه أن يحفز مشاعر الأخوة الإنسانية ويشجع على المشاركة في هذه المبادرات.

قيل إن المعلم يرى في الناس ما لا يرونه في أنفسهم. يبحث عن الكامن من مهاراتهم وقدراتهم ويمكّنهم من إبرازها وصقلها وتحويلها إلى فرص واعدة تعزز مساراتهم الشخصية والمهنية وتمنحهم مزيداً من الخيارات. وفي المملكة العربية السعودية، أرادت المعلمة مريم خيري أن تذهب في هذا التوجه نحو آفاق أرحب حتى خارج الصف الدراسي.

وفي المملكة حيث تواصل المرأة السعودية تعزيز دورها المحوري في المجتمع ودعم مسارات التنمية، رأت مريم فرصة سانحة للتطوع بمشاركة معارفها وخبراتها لتمكين الشابات السعوديات الطامحات للانخراط في سوق العمل والحياة المهنية، فأطلقت "مهارات نواعم".

المبادرة تسعى لتمكين المرأة وإشراكها بفاعلية وكفاءة في ميادين العمل في مختلف المجالات والتخصصات في القطاعات الحكومية والخاصة، بما يتماشى مع التطلعات الطموحة التي وضعتها رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز مصادر الدخل والتركيز على اقتصاد المعرفة والابتكار والصناعات الإبداعية.

وتهدف مريم خيري من مبادرة "مهارات النواعم" إلى تعزيز قدرات المرأة السعودية بمعارف وخبرات ضرورية تجعلها قادرة على المساهمة الفاعلة في تنمية المجتمع وترسخ حضورها الواثق على نفس السوية مع قريناتها في دول العالم وإبراز الهوية الإبداعية المتميزة للمرأة السعودية الحريصة على الابتكار وصناعة الجديد.

وتقول مريم إن " مهارات نواعم " تجدد روحها لأنها تشارك مع النساء السعوديات مهارات عديدة يستطعن من خلالها تطوير قدراتهن ومجتمعهن وتعريف العالم بأفكارهن وإبداعاتهن.

وللأطفال أيضاً، خصصت مريم خيري الكثير من وقتها وخبراتها التربوية من خلال مبادرة "علم ينتفع به" التي تعمل عبرها وتشجع من خلالها على ابتكار طرق تعليم جديدة تساعد الأطفال على الدراسة بشغف، من أجل أن يحصدوا الدرجات العالية ويخدموا أهلهم ووطنهم.

وتركز مبادرة "علم ينتفع به" على التعليم وملاحظة مشاكله ومحاولة حلها، بزيارات تقوم بها للمدراس من أجل تعريف الطلاب بأهمية التعليم الذي هو حجر الأساس في تقدم الأمم ونهضتها، كما وكانت تقوم بعد ذلك بزيارات متابعة تلاحظ فيها مدى تقدمهم.

وتطبق مريم أساليب التعليم بالتشجيع والمكافأة التي تلامس قلوب الأطفال وتحفزهم على تحقيق نتائج إيجابية كثيرة، خاصة أن المبادرة تحرص على تقديم أفكار تعليمية جديدة تجعل الطلاب يستمتعون بدراستهم وبحثهم عن الإجابات وتأمل أن تتوسع المبادرة لتصل إلى أكبر عدد من طلبة المملكة والعالم العربي بالاستفادة من التكنولوجيا والمنصات التعليمية المبتكرة.