قصص "صناع الأمل" من العراق ومصر

قصص "صناع الأمل" من العراق ومصر

دبي (پاکستان پوائنٹ نیوز ‎‎‎ 31 مارس 2019ء) منذ إطلاقها مطلع مارس 2019، نجحت مبادرة "صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي.

حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" آلاف قصص الأمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

وتسعى مبادرة صناع الأمل إلى نشر قصص ملهمة من العالم العربي لأشخاص كانوا مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض القصص التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي.

أسسها علي محمد مع متطوعات ومتطوعين أرادوا التقدّم لوطنهم.. "بصمة أمل" تدعم التنمية البشرية في المجتمع العراقي بكل أطيافه.

كيف لمهد حضارات ما بين النهرين أن يستعيد مجده من جديد؟.. كيف لمجتمع العراق الغني بتنوعه وتراثه وثقافته وتاريخه أن يواصل مساهمته في مسيرة التقدم الإنساني؟.. وكيف للأجيال العراقية الجديدة والصاعدة أن تعزف لحن السعادة والأمل والإيجابية والفرح بعد سنوات من انعدام الاستقرار؟.

هي أسئلة طرحها علي عبد الرحمن محمد على نفسه مرارا، لا ليبرر لذاته اتخاذ قرار الهجرة والخلاص الفردي بالخروج إلى جهات العالم الأربع، بل لاستكشاف أفضل السبل التي يمكنه من خلالها أن يوظف وقته وجهده وخبراته ومهاراته وعلاقاته الإنسانية لمساعدة إخوته من مختلف الانتماءات والطوائف في وطنه العراق.

وبعد تأمل وتفكير، قرر الشاب علي محمد من بغداد في 15 يناير 2015 تأسيس مجموعة تطوعية تحمل اسم "بصمة أمل"، هدفها الرئيسي في ذلك الحين استقبال وخدمة المواطنين النازحين من مختلف المحافظات طلبا للأمان بعيداً مناطق النزاع المسلح.

وواصلت المجموعة تقديم الدعم المادي واللوجستي لسكان المخيمات المؤقتة الخاصة بالنازحين حتى عام 2016، حيث قرر أفرادها توسيع دائرة أنشطتهم والارتقاء بمهامهم لتشمل خدمة المجتمع وتمكين مختلف فئاته لتصبح منظمة غير حكومية تحت اسم "منظمة بصمة أمل للشباب والتنمية البشرية".

وأصبحت المنظمة تعكف على رعاية من لا مأوى لهم؛ وخاصة كبار السن، وتأهيلهم بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية المعنية بهذا الشأن، لما فيه حفظ الكرامة الإنسانية لهؤلاء والمساهمة في إعادة دمجهم بشكل إيجابي في مجتمعهم.

كما بدأت "بصمة أمل" إطلاق مبادرات اجتماعية وإنسانية وتوعوية تستهدف الشباب بشكل أساسي، لتعزيز قيم التسامح والتعايش والتعاطف بين مختلف أطياف المجتمع بانتماءاته العرقية والعقائدية والثقافية المتنوعة.

وبادرت الشابات والشباب المتطوعون في المنظمة للمساعدة في ترميم دور العبادة ترسيخاً لقيم التنوع والتلاقي في المجتمع.

ولأن التعليم والمعرفة والفكر والتحصيل العلمي هي خطوط الدفاع الأولى أمام موجات الجهل والإفقار والاستتباع والاستقطاب والانغلاق والتفرقة، شارك المتطوعون والمتطوعات في جهود تأهيل 516 مدرسة عراقية حتى تاريخه، لتوفير بيئة تعليمية حيوية للطلاب، تضج بالألوان والفرح والأمل، وتشجع التلاميذ على الإقبال على المدرسة والتحصيل العلمي، وتحارب التسرب من المدارس الذي يهدد مستقبل الوطن اقتصادياً واجتماعياً ويطيح بفرص الآلاف من الأطفال واليافعين والشباب الذين يستحقون الحصول على التعليم كحق إنساني أساسي وكمكون عضوي لتحقيق التنمية.

ويأمل علي محمد أن تستمر أعداد المتطوعين والمتطوعات في "بصمة أمل" بالنمو بعد أن أصبحوا 338 متطوع ومتطوعة من مختلف مناطق العراق، من أجل أن يواصل مشروعهم المشترك الذي استثمروا فيه كافة امكاناتهم لإرساء مقومات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي وضعتها الأمم المتحدة للعالم، على مستوى وطنهم العراق، من خلال توفير التعليم الجيد، والفرص الجديدة، والدعم الاجتماعي لمختلف الفئات من الطلبة والنازحين والأيتام.

بيت العم صيام عبده.. استراحة الأطفال في رحلة مكافحة المرض الخبيث.

يستيقظ قبل خيوط الفجر الأولى، يرتدي ثيابه، ويخرج مسرعاً، لا نحو محل بيع اللحوم الذي يعمل فيه، بل باتجاه بيت له خصصه للأطفال من مراجعي مستشفى 57357 لعلاج المصابين بالسرطان بمنطقة السيدة زينب في العاصمة المصرية القاهرة. يدخل الشقة الكائنة في الطابق الأرضي وهو يردد أدعية لا تفارقه بالشفاء للمرضى.

يتفقد الأسرّة السبعة الموزعة في أنحائها، يرتّب أغطيتها ووسائدها. يمر على المطبخ ليتأكد من نظافة الأشياء وحسن ترتيبها. يُخرِج بعض ألعاب الأطفال والكراسي المتحركة إلى الباحة أمام المنزل. يرفع عينيه إلى اللافتة التي ثبّتها في الشارع، يتأكد أنها ثابتة في مكانها واضحة للمارة : "يوجد سكن واستراحة يومية مجاناً لأطفال مستشفى 57357"، ثم يتطلع لحظات إلى وردة سماء الصبح التي بدأت تتفتح، وينطلق إلى محله في الشارع الذي بدأت الحياة تدب فيه.

سنوات مرت والعم صيام عبده الجزار يمارس هذا العمل الأثير إلى قلبه. يرى فيه فسحة أمل واستراحة مسافر ظليلة تخفف عن الأطفال المصابين بالسرطان الذين يأتون من مختلف مناطق القاهرة الكبرى والمحافظات المصرية إلى المستشفى في حي المدبح لمتابعة رحلة العلاج الطويلة التي يخوضونها مع المرض.

هؤلاء الأطفال صاروا أحبته وأصدقاءه، حتى صاروا ينادونه بـ "العم ظاظا"، يستضيفهم مع ذويهم في الشقة المتواضعة. يلتقيهم للحظات وجيزة يسرقها من يوم عمله الطويل، فتكون كافية لنسج صداقات جميلة معهم، والتخفيف من آلامهم بعد تناولهم لجرعات العلاج التي يحتاجونها أو يهدئ مخاوفهم قبل أخذ تلك الجرعات.

المنزل القديم المرتب، يخصصه صيام عبده مجاناً لاستقبال الأطفال وذويهم قبل وبعد تلقيهم للجرعات، بدل أن ينتظروا في الساحات الخارجية المحيطة بالمستشفى المكتظ بالمراجعين، لحمايتهم من التقاط أمراض معدية نظراً لضعف مناعتهم، وإراحة أجسادهم الغضة بعد تلقي الجرعات استعداداً لرحلة العودة.

وما على ذوي الأطفال الراغبين بالاستفادة من الإقامة المجانية في الشقة سوى تقديم بطاقة متابعة العلاج في المستشفى مع البطاقة الشخصية. وبدل أن يتقاضى أجرة يومية مجزية لمثل هذه الإقامة في الشقة القريبة جداً من المستشفى، يعتبر العم صيام مبادرته، التي نالت اهتماماً كبيراً من الصحافة ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، أقل الواجب تجاه الأطفال المرضى.

وهو يتطلع إلى تخصيص شقة ثانية من دخله الشخصي لاستقبال مزيد من الأطفال وذويهم وخدمتهم مجاناً في رحلتهم العلاجية في المستشفى، الذي أثنى على عمله الإنساني ودوره في رسم البسمة على وجوه الأطفال وري غراس الأمل بالشفاء والتعافي لدى ذويهم، الذين لا ينفكون يرددون أن الدنيا لا زالت بخير مع وجود أمثال العم صيام عبده ممن يكرسون جهدهم ووقتهم ومقدراتهم، مهما كانت محدودة، في خدمة من هم بحاجة إلى العون والمساندة والدعم في رحلة الحياة والتغلب على التحديات والصعاب.