/ تقرير /. إقرار الموازنة اللبنانية بعد انقطاع 12 عاما ونتائج مؤتمر سيدر عززا الثقة الدولية

/ تقرير /. إقرار الموازنة اللبنانية بعد انقطاع 12 عاما ونتائج مؤتمر سيدر عززا الثقة الدولية

إلى السادة المستقبلين .. اليكم النشرة الاقتصادية للوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية .. ضمن الملف الاقتصادي لاتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا"..

بييروت فى الاول من اغسطس/ وام/ حقق لبنان إنجازات اقتصادية كبيرة في الأشهر القليلة الماضية ومنها إقرار الموازنة العامة في 18 تشرين الأول 2017 بعد انقطاع دام أكثر من 12 عاما، ومؤتمر سيدر الذي عقد في فرنسا في 6 نيسان 2018، بالاضافة إلى "منتدى الاقتصاد العربي" الذي عقد في بيروت في تموز الحالي.

وقد أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني /آنذاك/ سعد الحريري في ختام جلسات مناقشة مشروع الموازنة العامة في مجلس النواب أن "البعض يتصرف وكأنه يكتشف اليوم أن وضعنا المالي صعب، أو أنه لدينا أزمة نزوح سوري، أو أن لدينا مشكلة تغذية كهربائية وعجز مزمن في كهرباء لبنان، أو أنه لم يحصل قطع حساب منذ زمن طويل. كل هذا اكتشفناه اليوم، في هذه الموازنة وفي هذه الحكومة. ولكنه في الأساس لم تكن هناك موازنة، وأنا أعود وأذكر، أنها أول موازنة للدولة منذ 12 سنة. ولكننا لا نستطيع أن نشارك في الحكومات السابقة، وفور تشكيل حكومة لا يشارك فيها البعض، نكتشف كل هذه المشاكل، والأسوأ، نكتشف كل هذه الحلول السهلة لهذه المشاكل المزمنة، كان يفترض بكم أن تعرضوا هذه الحلول في الحكومات التي كنتم مشاركين فيها".

وعن موضوع الكهرباء قال: "كفى المواطن تنظيرا. هذه الحكومة تعمل لتوفير الكهرباء، لأن الناس تريد كهرباء ولا تريد تنظيرا ولا تريد وعودا. نحن وضعنا خطة كهرباء وخطة اتصالات وقمنا بمشروع النفط. لكن في موضوع الكهرباء، لا بد من اتخاذ خيارات، هل نقول للناس انتظروا 3 سنوات لكي نؤمن الكهرباء، وفي نفس الوقت علينا أن ندفع خلال هذه المدة بين 6 إلى 7 مليار دولار؟ أو أن يكون لدينا القليل من الشجاعة ونضع الحلول على الطاولة لمرحلة السنوات الثلاث هذه، نؤمن كهرباء للناس، ونوفر حوالي 4 إلى 5 مليار دولار من هذه الـ6 أو 7 مليارات؟ قد ندفع اليوم أكثر ولكن حين نعدل التعرفة ويصبح المواطن يدفع فاتورة واحدة، حينها نكون نعمل بشكل صحيح ونؤمن الكهرباء للناس. حكي عن صفقات، وأن دفتر الشروط صمم لشركة واحدة. هذا الكلام غير صحيح. أي شركة بمقدورها أن تؤمن الكهرباء بـ3 أو 6 أشهر فلتتفضل. وضعنا شروطا صعبة لكي لا يتقدم أي كان. حين نضع ضمانة أن تدفع الشركة 50 مليون دولار بعد 3 أشهر إن لم تؤمن الكهرباء، علما أن الدولة تدفع تكاليفها طوال هذه المدة، فإن هذه الشركة ستدفع المبلغ. هذا ليس كالعقود السابقة، نضع دفتر شروط وننتظر سنوات ونصل في النهاية إلى التحكيم وتدفع الدولة الأموال لشركة لم تنفذ شيئا".

وأضاف: "في موضوع مرسوم تأهل شركات النفط فئتان: شركات مشغلة تزيد قيمتها عن 10 مليار دولار، وشركات غير مشغلة تزيد قيمتها عن 500 مليون دولار، وأسماء الشركات المؤهلة معلنة. نحن لا نخبئ شيئا، بل بالقانون مجبرون على أن نعلن كل شيء بكل شفافية على مواقع الإنترنت التابعة لنا لكي تكون المزايدة شفّافة. كما أنه هل هناك أكبر من هذه الشركات المتقدمة، إن كانت "نوفاتيك" أو "إيني" أو "توتال"؟ لا أظن أن هناك أكبر من هكذا شركات".

وتابع: "في موضوع الاتصالات، ليسموا الشركة لكي نحاسبها. ولكن بالنسبة إلينا يا سعادة الزملاء نريد إثباتا. أعطونا اسم الشركة لكي نتعامل معها. كل شيء موجود على مواقع الإنترنت. هناك شفافية واضحة في هذا المسار، الذي لم تقم به حكومتي وحدها، بل هو متبع منذ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس تمام سلام، وحكومتي أنا عملت على أن يكون في هذا المشروع كامل الشفافية. هذا ما نريده وما نسعى إليه ولن ندع أحدا يغطي على أحد".

وتابع: "إذا كان هناك على مدى السنوات الماضية مخالفة للدستور بعدم إقرار الموازنة، نحن هنا تحديدا اليوم لنعلن نهاية المخالفة، والالتزام باحترام المهل الدستورية والقانونية، والانطلاق لإعداد مشروع موازنة 2018، برؤية اقتصادية وإدارية ومالية وتنموية بدأنا العمل عليها بالتزامن مع الإعلان عن خطة الحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات النزوح السوري، والاستثمار بالبنى التحتية والخدمات العامة".

وختم: "إن إقرار الموازنة فرصة لنجدد الثقة، وأتمنى أن نتشارك جميعا في توظيفها لمصلحة لبنان".

الإنجاز الثاني الأبرز كان مؤتمر سيدر الذي عقد في باريس بتاريخ 6 نيسان 2018 في حضور 48 دولة ومنظمة والعديد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.

وقال الرئيس الحريري في كلمة الافتتاح: "لبنان بلد صغير يواجه تحديات هائلة: سياسية واقتصادية وأمنية. وتتفاقم هذه التحديات بسبب الحرب السورية وأزمة النازحين السوريين في لبنان. في السنوات الثلاث التي سبقت الأزمة السورية، شهد اقتصادنا نموا سنويا بمعدل 8 في المئة كحد متوسط.

ومع الحرب في سوريا والنزوح الكبير للسوريين الى لبنان، انهار هذا النمو إلى معدل سنوي بلغ واحدا في المئة. وفقا للبنك الدولي، فإن الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بسبب الأزمة السورية كانت 18 مليار دولار حتى سنة 2015. وزادت نسبة الفقر والبطالة بشكل ملحوظ وانخفضت الصادرات بمقدار الثلث. وازداد التفاوت بين الطلب والعرض في مجال البنى التحتية بسبب وجود النازحين السوريين، بينما تراجعت البنى التحتية العامة القائمة".

وتابع: "بلغت نسبة ديوننا الإضافية بسبب وجود أكثر من مليون نازح سوري في أراضينا 6 مليارات دولار حتى عام 2016. فعلى سبيل المثال، احتسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ان تزويد النازحين بالكهرباء وحدها كلفنا مليار دولار حتى عام 2016. أدت هذه التطورات بالإضافة إلى الانقسامات السياسية الداخلية إلى إضعاف اقتصادنا وعمل مؤسساتنا بشكل كبير. وقرر اللبنانيون مواجهة هذه الصعوبات. قبل ثمانية عشر شهرا، انتخبنا الرئيس ميشال عون كرئيس للجمهورية وشكلنا حكومة وفاق وطني بهدف استعادة ثقة مواطنينا والقطاع الخاص والمجتمع الدولي في بلدنا واقتصادنا ومؤسساتنا.

إن تشكيل حكومتي والجهود المحلية المبذولة أدت الى استقرار البلد، واعادت عمل المؤسسات وحافظت على الأمن. وما يعزز هذا الأمر هو الالتزام الذي قطعته جميع مكونات الحكومة في كانون الاول الماضي باحترام سياسة النأي بالنفس. وقد ظهر بوضوح دعم المجتمع الدولي خلال اجتماعي مجموعة الدعم الدولية ومؤتمر روما 2. انه يدل على الأهمية التي يوليها أصدقاء لبنان لاستقراره وأمنه".

وقال: "يجب أن يبدأ احياء لبنان، إن التدابير التي اتخذتها حكومتي في الأشهر الأخيرة ضرورية ولكنها ليست كافية. التحدي اليوم هو عكس الاتجاه في موضوع النمو والفقر والبطالة. يجب أن تؤدي الحكومة الدور الأساسي في هذا المجال. لهذا الهدف نحن هنا، لنقدم لكم الرؤية الشاملة لحكومتي من أجل الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل. وتستند هذه الرؤية على أربعة دعائم مترابطة. أولا، زيادة الاستثمار في البنى التحتية من خلال تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري الطموح. ثانيا، ضمان تنفيذ هذا البرنامج الاستثماري في إطار مالي شامل وديون مستدامة من خلال تعزيز ضريبي يهدف إلى خفض عجز الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة. ثالثا، تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يحتاجها لبنان لتحقيق كل إمكانات النمو المستدام بقيادة القطاع الخاص مع زيادة العدالة الاجتماعية. وتشمل هذه الإصلاحات مكافحة الفساد وتحسين إدارة الضرائب وتحديث وإعادة هيكلة القطاع العام، وتحسين عملية التوريد والتصديق على قانون حديث بشأن التوريد العام وتحديث وترشيد الجمارك والتحول الرقمي للحكومة وبيئة أفضل للأعمال التجارية فضلا عن الإصلاحات القطاعية اللازمة لجعل القطاعات أكثر كفاءة واستدامة. ورابعا ، تطوير استراتيجية لتنويع القطاعات الإنتاجية وتحقيق إمكانات التصدير اللبنانية".

وختم: "لا يمكن للبنان أن ينجح في هذا الجهد بمفرده: هو بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي. إن وجود مؤشر واضح وملموس على هذا الدعم، متمثلا بمنح وقروض ميسرة، سيعطي الأمل في إمكانية تنفيذ رؤية الحكومة ويعزز الثقة مما سيقود البلاد نحو الاستقرار والنمو وخلق الوظائف. أطلب منكم اليوم الاعتماد على التطورات الإيجابية الأخيرة لتعزيز استقرار لبنان. أقول لكم بصراحة: ان الأمر لا يتعلق باستقرار لبنان وحده بل باستقرار المنطقة وبالتالي استقرار عالمنا جميعا".

وأعرب المشاركون في مؤتمر "سيدر"، عن تمسكهم بوحدة لبنان واستقراره وامنه وسيادته وسلامة اراضيه، داعين السلطات اللبنانية الى تطبيق ووضع حيز التنفيذ وتعزيز سياسة موثوق بها للناي بالنفس، كما اعربوا عن دعمهم للجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية حاليا لتحسين عمل مؤسسات الدولة والاعداد للانتخابات النيابية وفقا للمعايير الدولية . واعتبروا ان لبنان يواجه منذ سنوات عدة صعوبات جمة تعيق نموه الاقتصادي والانساني وان البلاد امام منعطف، وبحاجة الى التضامن والدعم الكامل والشامل من جانب المجتمع الدولي.

وأعلنوا انه نظرا الى "مستويات الاستدانة المرتفعة في لبنان"، فان التمويل بالقروض الميسرة والاستثمار الخاص "هما من انجع الوسائل للاستثمار في البنى التحتية واستحداث الوظائف في ما اذا تم الاعتماد على برنامج متناسق لتحسين الموازنة وادارة المالية"، والتزموا بدعم المرحلة الاولى من برنامج الاستثمار والاصلاح في لبنان عبر: قروض بقيمة 10,2 مليار دولار منها 9,9 مليار على شكل قروض ميسرة، هبات بما في ذلك هبات لدعم القروض، بقيمة 860 مليون دولار. وشجعوا القطاع الخاص على المشاركة في تمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية بحسب كل مشروع على حدة.

وفي مجال آخر، عقدت في بيروت خلال شهر تموز 2018 أعمال الدورة 26 من "منتدى الاقتصاد العربي"، الذي نظمته مجموعة "الاقتصاد والأعمال"، بالاشتراك مع مصرف لبنان، وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، جمعية مصارف لبنان، ومؤسسة التمويل الدولية /IFC/، وبالتعاون مع المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان /ايدال/، الهيئات الاقتصادية اللبنانية، وغرفة طرابلس ولبنان الشمالي، بمشاركة عربية ودولية واسعة بلغت أكثر من 500 مشارك من 20 دولة عربية واجنبية.

وأكد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في كلمة الافتتاح أننا "أمام خيار من إثنين: إما الاستسلام للواقع الحالي وللصعوبات التي تواجه لبنان، وإما النهوض بلبنان لتأمين الازدهار لكل اللبنانيين". وقال: "أنا لن أستسلم، وهذا هو الخيار الذي أعمل عليه شخصيا، وثقتي كبيرة جدا، بأن المجتمع السياسي اللبناني سيتجاوز مرحلة السجالات التي تسمعون عنها، ليدرك أن مصلحة لبنان وحق اللبنانيين بحياة كريمة يجب أن يتقدما على كل اعتبار".

وأشار الى ان "منطقتنا تحتاج، إلى 27 مليون فرصة عمل جديدة في السنوات الخمس المقبلة. والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه اليوم، هو كيف يمكن أن نحقق ذلك"؟ معتبرا أن "التحدي الأول الذي يواجه البلدان العربية يكمن برفع معدلات النمو، أما التحدي الثاني، فيكمن بجعل هذا النمو نموا مستداما يشمل مختلف قطاعات المجتمع، خصوصا النساء والشباب، وما يعنيه ذلك من إطلاق حيوية لا غنى عنها في الدورة الاقتصادية لبلداننا العربية.

ويبقى التحدي الثالث، الذي يكمن في تنويع مصادر النمو. وتنويع مصادر النمو لا ينطبق على الدول المصدرة للنفط فقط، بل هو ينطبق أيضا على دول كلبنان والأردن ومصر وغيرها من دول المنطقة العربية".

ودعا الى تنويع مصادر النمو لتحصين اقتصاداتنا الوطنية في مواجهة الخضات والأزمات، سواء كانت داخلية أو خارجية عبر "تأمين بنية تحتية عصرية، تسمح بتطوير القطاعات الإنتاجية التقليدية ورفع مستوى إنتاجيتها، كما تسمح للقطاعات والنشاطات الإنتاجية الجديدة، المبنية على المعرفة والابتكار بالازدهار والانتشار".

وأعلن "أننا في لبنان، وضعنا خريطة طريق واضحة لرفع معدلات النمو وتنويع مصادره وتأمين استدامته. وخارطة الطريق هذه عرضتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر CEDRE، وهي تقوم على أربعة محاور أساسية مكملة لبعضها البعض: أولا، تنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري بقيمة 17 مليار دولار أميركي، يمتد على 10 سنوات لتحديث وتطوير البنية التحتية. ثانيا، المحافظة على الاستقرار المالي من خلال إجراء تصحيح مالي بمعدل 1% سنويا على مدى خمس سنوات، ثالثا، إجراء الإصلاحات الهيكلية والقطاعية الضرورية لضمان الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وتطوير التشريعات التي تحكم عمل القطاع الخاص وتحديث إجراءات القطاع العام، رابعا، وضع وتنفيذ استراتيجية لتطوير القطاعات الإنتاجية، سواء التقليدية أو الجديدة منها، ورفع قدرة وإمكانات لبنان التصديرية".

وأوضح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن "الأسواق الناشئة تعيش خضات متتالية أدت إلى تراجع قيمة العملات في هذه الدول مقارنة بالدولار واليورو، إضافة إلى تراجع قيمة إصداراتها من السندات وارتفاع المردود عليها. وحافظ لبنان على استقرار عملته تجاه الدولار الأميركي، والليرة مستقرة وثابتة، مدعومة بموجودات مرتفعة بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان والقطاع المصرفي. كما عادت وتحسنت أسعار اليوروبوند اللبناني، وتراجع مردودها في الأيام العشرة الأخيرة. كذلك انخفضت بشكل ملحوظ كلفة التأمين على المخاطر اللبنانية / CDS/ من 7 في المئة إلى اقل من 6 في المئة".

واضاف: "يشير المؤشر الاقتصادي لمصرف لبنان إلى أن نسبة النمو للعام 2018 سوف تكون 2%، مع الأخذ بعين الاعتبار التراجع في القطاع العقاري والوضع المستقر في قطاع الاستهلاك. وتجدر الاشارة الى انه ابتدأ التراجع في القطاع العقاري منذ العام 2011، وهو لا يرتبط بالتطورات الأخيرة التي طالت القروض السكنية. واللافت أن تراجع السيولة في المنطقة ادى الى تراجع في الوضع العقاري في مجمل دول المنطقة وليس في لبنان فحسب".

وأشار الى ان مصرف لبنان يتوقع نموا سنويا في الودائع يفوق الـ5%، تبعا لأرقام الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018، ويكون النمو المتوقع للودائع بالليرة اللبنانية نسبته 8 % وبالدولار الأميركي ونسبته 4 %، علما أن الدولرة بالودائع وصلت إلى 68% في نهاية العام 2017 ولا تزال على هذا المستوى. وتظهر الارقام الاحصائية لمصرف لبنان تراجعا في التسليف خلال عام 2018 ب 1،6% مقارنة بالعام 2017. وتبقى القروض المشكوك بتحصيلها بنسبة 3،4% من المحفظة الائتمانية وقد تصل بأسوأ الحالات الى 4%. ونسب التضخم بين ال4% وال5% للعام 2018. وان ارتفاع نسبة التضخم، إضافة إلى المخاطر السياسية وارتفاع الفائدة عالميا، ادت الى ارتفاع الفوائد في السوق المحلي. لكن حافظت مؤسسات التصنيف العالمية على نظرة مستقبلية مستقرة ازاء لبنان، مستندة على متانة الوضع النقدي وشددت على ضرورة الاستمرار بتحفيز استقطاب الودائع".

وختم سلامة قائلا: "يلتقي مصرف لبنان مع آراء صندوق النقد الدولي ومؤسسات التقييم على ضرورة تخفيض العجز مقارنة بالناتج المحلي. نضيف على ذلك، أهمية تكبير حجم القطاع الخاص في الناتج المحلي والحد من تنامي حجم القطاع العام. وتنتظر الأسواق تشكيل الحكومة، وتتوقع أن تكون من أولوياتها الإصلاح وتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر فور انطلاقتها. ويعتمد مصرف لبنان سياسة محافظة منذ تشرين الثاني 2017، ولن يغير هذه السياسة طالما لن تتحقق إصلاحات تخفض العجز. سياسة مصرف لبنان هذه هي لمصلحة لبنان واستقراره و للحفاظ على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين".

ولا بد من أن نلقي الضوء في هذا التقرير على مستجدات الوضع العقاري في لبنان. فقد صدر قرار قضى بوقف مصرف لبنان الدعم عن المؤسسة العامة للإسكان عازيا ذلك الى عجز المصرف المركزي عن سد الحاجة المحلية من القروض السكنية، وإلى ان اولياته تتمحور على الحفاظ على العملة واستقرار النقد. والسؤال الذي فرض نفسه، ماذا سيتغير في المعطيات وهل سينعكس هذا الموضوع بشكل سلبي على كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وهل يتحمل المصرف المركزي وحده المسؤولية في هذا الشأن، ام انه يجب على الدولة ان تعرض برامجها وخطواتها الإستراتيجية لقطاع الاسكان، ما يمكن المواطنين من ذوي الدخل المحدود ومتوسطي الحال من ايجاد شقق سكنية تتناسب مع وضعهم الاجتماعي؟.

هذه الاسئلة طرحتها "الوكالة الوطنية للاعلام" على رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان المهندس روني لحود الذي أشار إلى "أن وقف الدعم عن القروض السكنية من قبل مصرف لبنان بدا في بداية الأمر على انه مشكلة بسيطة، اذ ما على المواطن إلا ان يلجأ الى استئجار منزل ليسكنه مع عائلته، بدل ان يشتري مسكنا بفوائد باهظة، انما جاءت ارتدادات الامر بشكل سلبي جدا ولم تطل القضية شراء العقار السكني فقط، بل طالت قطاعات عدة، حتى ان مجمل الاستيراد انخفض حتى الثلاثين في المئة وانخفضت الرسوم الجمركية، كما ان اكثر من 15 اختصاصا في مجال البناء توقف عملهم وعلى سبيل المثال معلم الباطون، معلم التوريق، السباك، الدهان ومعلم الكهرباء وغيرها، كما ان تجار الحديد والترابة تضرروا من هذا القرار".

وأوضح ان "العديد من تجار البناء بدأوا بتخفيض عدد الموظفين لديهم ما يعني زيادة في البطالة، كما ان المصارف ستنال الحصة الاكبر من توقف عملها، طارحا بعض الافكار كأن "تواصل المؤسسة العامة للإسكان اعطاءها للقروض للطبقة الوسطى ولاصحاب الدخل المحدود، وتكون هذه القروض مدعومة من الدولة عبر تخفيض قيمة الضريبة على المصارف مقابل كل قرض تقدمه هذه الاخيرة، وهكذا لا تدفع الدولة بشكل مباشر بل توفق بين الضريبة التي كان يدفعها المصرف وبين قيمة الفائدة التي تدعمها".

وأشار الى ان كتلة تيار "المستقبل"، قدمت اقتراح قانون معجل مكرر في شأن دعم فوائد القروض السكنية عبر تخفيض ضريبي للمصارف. وكذلك في اطار مساعيه للتوصل الى حل مستدام لازمة قروض الاسكان، اجتمع وزير الشؤون الاجتماعية النائب بيار بو عاصي مع رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربيه بهدف النظر سويا كقطاع رسمي، وبصفته الوزير الوصي على المؤسسة العامة للاسكان، وكقطاع خاص متمثل برئيس جمعية المصارف، في كيفية مقاربة القروض السكنية المدعومة. وطلب بو عاصي حصر القروض المصرفية بشروط المؤسسة العامة للاسكان، كي يكون لدينا سياسة اسكانية واضحة تستهدف الشباب من ذوي الدخل المحدود، ونخرج من القروض المدعومة بقيمة كبيرة والتي لامس بعضها 800 الف دولار وهي التي ادت الى تدهور القدرة على تمويل القروض.

من جهته، طالب رئيس مجلس ادارة شركة "بلاس هولدينغ" في قبرص المالكة لشركة بلاس بروبرتيز وبلاس بروكرز وغروب بلاس ميديا والعديد من الشركات المتخصصة فى مجال العقارات والاعلان والطباعة جورج شهوان ب"تخصيص وزارة تشرف على الإسكان وكل ما يتعلق بالعقارات في لبنان، تنحصر مهمتها في التنسيق بين المصرف المركزي وبين المصارف وبين مطوري العقار والاسكان والمالية وبين التنظيم المدني، وعليها ان تضع الخطط الاسكانية الواضحة التي تتضمن الحلول لكل المشاكل".

وعن الوضع العقاري في لبنان قال: "الوضع العقاري في لبنان ليس في أفضل حالاته فهو كان يعاني من ازمات قبل توقيف القروض الاسكانية وتعود الاسباب الى انه ما بين العامين 2008 - 2009، دخلت سيولة كبيرة الى المصارف اللبنانية ما ساهم في اعطاء القروض الكبيرة للمطورين العقاريين غير المتخصصين، ما اوجد عروضات كبيرة للشقق السكنية وفي مختلف المناطق اللبنانية مقابل طلب قليل على الشراء. ورافق ذلك الوضع وقوع الازمة السورية وانخفاض سعر النفط وحدثت ازمة الخليج، وانخفضت بالتالي مداخيل اللبنانيين في الخارج وهم الذين يشكلون الرافعة الاساسية للقطاع العقاري اللبناني ويضاف الى ذلك الازمة الاقتصادية العامة، وقد ادت كل هذه الظروف الى الجمود في القطاع العقاري والحاق الضرر ليس فقط بالمطورين العقاريين بل ايضا بالصناعيين، تجار البناء، معامل الألومنيوم، معامل الحديد والباطون والترابة والبلاط، لا سيما وانه يرتبط بهذا القطاع اكثر من اربعين قطاعا، وعندما يضرب هذا القطاع ستليه بقية القطاعات".

ودعا الى "عقد مؤتمر وطني في هذا الشأن تشارك فيه فاعليات من جمعية المصارف والمصرف المركزي والعقاريين واصحاب الأملاك والمستأجرين وذلك لوضع خطة اسكانية كاملة وشاملة تأخذ في الإعتبار كل هذه المشاكل، والوصول الى تدبير مستدام لمشكلة السكن في لبنان". وأيد "سياسة اسكانية واضحة تستند الى دراسة احصائية مفصلة حول المناطق التي هي بحاجة الى طلبات اسكانية حتى لا تعم الفوضى ويكثر العرض ويخف الطلب على الشراء.

ومن ضمن الحلول كذلك، رفع سقف الإستثمار في مناطق معينة شرط ان يبيعها المطور العقاري بسعر الكلفة".

اما مسؤولة تطوير الاعمال في FFA REAL ESTATE نائب رئيس جمعية مطوري العقار في لبنان REDAL السيدة ميراي القراب ابي نصر، فأشارت الى ان "الوضع العقاري في لبنان يمثل 20 بالمئة من الناتج المحلي، وهو اليوم في حال من الجمود لا سيما بعد وقف الدعم عن القروض الاسكانية، ومن الطبيعي ان ينعكس هذا الامر سلبا على الاقتصاد الوطني الذي يتأرجح اساسا، ولكن إرادة الشعب اللبناني صلبة وهو اعتاد ان يتخطى الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والاقتصادية".

وقالت: "ان جمعية REDAL التي أنشئت منذ خمس سنوات فقط، تعمل ضمن الاطر القانونية وهي تتعاون مع القطاعات الحكومية ومع الجهات الرسمية لتوفير الحماية للمستهلك، بالاضافة الى تقديمها النوعية الجيدة، لكن المطورين الطارئين على القطاع لا يعلمون كيفية التعامل وهم لا يعملون ضمن شركات او ضمن منظومة منظمة ولهذا تدب الفوضى. وكمطوري عقار في لبنان لدينا مشاريع فوق السبعة مليار دولار اميركي سنويا، ويهمنا ان نحمي المستهلك وليس صحيحا ما يقال اننا نستفيد على حساب المواطنين، بل على العكس تماما فنحن نود حماية الزبون من خلال تنمية الثقة في ما بيننا، ولهذا نحن نطالب بأن توجد التأمينات على المطور كما هي الحال في فرنسا وفي كل بلدان اوروبا، بحيث تقيم شركات التأمين بالتعاون مع المصارف، الشركة العقارية التي تود ان تشتري التأمين وتضع سعرا للبوليصة بحسب ما يكون لديها من خطر بأن لا تكمل نحو الأمام، كما يجري الحال في كل شركات التأمين، وهذا الوضع الخاص بضرورة التأمين كان موجودا من قبل، لكن لم يتعامل به احد، لانه لا يوجد اي تشريعات تجبر القطاع العقاري ان يشتري هذه البوالص، مع العلم ان هذا الامر يحمي المستهلك والمطور في آن".

أما بالنسبة للحلول فقالت: "اما بالنسبة للحلول الطويلة الامد، نجد انه من المعروف ان الاسكان يقسم الى قسمين، الاول الخاص بذوي الدخل المحدود والثاني هو إسكان الطبقة الوسطى وهما يشكلان الاساس في المجتمع. ونحن من جهتنا نطالب باعادة الدعم لذوي الدخل المحدود وحتى بنسبة اكبر من الدعم للطبقة الوسطى الذي وصل لغاية الثلاثة في المئة وهذا امر طبيعي في هذا الوقت بالذات؛ واذا اصبحت فوائد الاسكان بنسبة اربعة في المئة، فيفترض على مصرف الاسكان ان يعطي فوائد بنسبة خمسة في المئة، وكذلك علينا الاهتمام ليس فقط بذوي الدخل المحدود بل علينا النظر الى الطبقة الوسطى التي تشكل نسبة ثلاثة ارباع الشعب اللبناني ولا يجب ان نحملها نسبة 8% من الفوائد، لأننا بهذا نكون نقضي بشكل او بآخر على اخر فرصة لهذه الطبقة في شراء منزل، وبهذا نحولها الى مصاف الطبقة الفقيرة، علما انها العنصر المنشط للاقتصاد وهي التي تحرك العجلة الاقتصادية بشكل فاعل من خلال الشراء وتنشيط الحركة الاقتصادية".

وطالبت "بسياسة اسكانية واضحة على المدى الطويل من خلال خطة خماسية وليس حل الموضوع بشكل موقت، إذ يجب ان تعود القروض المدعومة بفوائد مخفضة باي شكل من الأشكال وطبعا لا يجب ان تصل الفوائد السكنية الى ثمانية بالمئة، لان المواطن عندها يعجز عن الشراء والعيش بشكل لائق ومحترم، ونحن مع خطة وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي الذي اعتبر انه اذا المصارف رفضت ان تتحمل فرق الدعم الذي كان يقدمه مصرف لبنان للفائدة، يجب ان تعفى من الضرائب لتستمر في عملها، او على الدولة ان تسعى الى الاقتراض بفوائد مخفضة من جهات دولية خصوصا وان القطاع العقاري سيرد هذه القروض بنسبة عشرة أضعاف الذي يعود بالارباح للبلد بشكل فاعل، خصوصا وان اللبناني صاحب ارادة صلبة ويعمل بتصميم ليحقق اهدافه".

ودعت الدولة الى فتح مجال للنقاش مع القطاعات الاقتصادية الفاعلة، ولا سيما منها القطاع العقاري لاننا نعيش الوضع ونعلم جيدا ما الذي يدفع وما لا يدفع وبهذا الشكل يمكن زيادة عمل الشركات، وبالتالي يمكن زيادة المداخيل الى خزينة الدولة، والذي يجب ان يعلم ان الاعفاءات على الضرائب وخلق الحوافز للمصارف والشركات التجارية، لا يعني ان الدولة تسلف المطور بل هي تكون في إطار التخطيط للتطور ولاعادة تشغيل العجلة الاقتصادية وتحقيق النمو المطلوب في شكل من التكيف مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي. اضافة الى اننا من جهتنا نعمل ليلا ونهارا لمساعدة ابناء الوطن الذين يسعون الى نيل حياة كريمة مع عائلاتهم بغض النظر عن كل التجاذبات، وذلك من خلال التعاون مع الفاعليات الرسمية والحكومية التي تهتم بهذه المواضيع لكي نصل الى حل يرضي الجميع خصوصا واننا نعمل معا لمواجهة هذه الأزمة".

مهما كثرت التقارير التي تحكي عن هشاشة الوضع الاقتصادي في لبنان فإن المعنيين منكبون على إيجاد الحلول التي تؤدي إلى خفض الدين العام وبالتالي العجز في الميزان التجاري. إن الحروب التي أنهكت البلاد وما رافقها من تدمير للبنى التحتية وأزمة النازحين السوريين التي تلقي بثقلها على كاهل المؤسسات، ومستجدات القطاع العقاري، أسباب واضحة وكافية لتدهور الاقتصاد الوطني.