وباء "كورونا" يعيد ظاهرة ركوب الدراجات الهوائية بالخرطوم

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 02 يوليو 2020ء) بعد فترة ركود امتدت لحوالي 30 عاما، عادت أسواق الدراجات الهوائية في السودان إلى الانتعاش مجدداً، حيث كان السودانيون طيلة العقود الماضية منذ حقبة الاحتلال البريطاني ولغاية الثمانينات القرن الماضي، معتادون على امتطاء الدراجات كوسيلة مواصلات أساسية خاصة فئة العمال وطلاب المدارس، وكاد كل بيت في السودان، تتوفر فيه دراجة هوائية، وتستخدم للنقل والمواصلات، وكان منظر عمال المصانع وموظفي المؤسسات الحكومية في تلك الحقبة السابقة، وهم خارجون بانتهاء دوام عملهم، يمتطون درجاتهم كأنهم في مسيرة جماهيرية هادرة.

وبعد فترة الركود الطويلة ونسيان السودانيون ركوب الدراجات، تعود ظاهرة ركوب الدراجات الهوائية، بثوب جديد للعاصمة الخرطوم والمدن المجاورة لها، بصورة لافتة، ويشير بعض المراقبون لهذه الظاهرة إلى العديد من الأسباب منها: أزمة المواصلات وزحمة المرورية، إضافة إلى اتجاه العديد من الشباب إلى اتخاذها كرياضة ووسيلة التنقل خاصة منع مرور السيارات عبر الجسور الرئيسية بولاية الخرطوم خلال فترة الحظر الصحي إزاء انتشار وباء كوفد – 19 منذ آذار/ مارس الماضي بالبلاد​​​.

يقول بائع دراجات هوائية، بسوق (ستة)، سليمان عثمان الدولي تاجر، لوكالة"سبوتنيك"، إن" حركة شراء الدراجات، زادت بصورة واسعة عن السابق إقبال الناس عليها"، وأوضح أن" الدراجات الجديدة تورد إلى السودان من الصين أما المستعملة فتورد من أوروبا، وهي ذات جودة عالية ومرغوبة أكثر"، ويشير الدولي، أنه" تتوفر كل المقاسات من فئات الأطفال وحتى 56 أكبر مقاس"، لافتا أن" الدراجة الأوروبية، يتراوح سعرها حالياً ما بين 20 - 25 ألف جنيه سوداني ، اي ما يعادل 200 دولار، أما الدراجات الصينية فما بين 10 - 15 ألف جنيه، اي مايعادل 100 دولار أميركي" ، عازيا، ارتفاع الطلب على الدراجات،

بحسب قوله" عدم توفر المواصلات وازدياد عدد المتسابقين المحترفين الذين يشترون الدراجات الرياضية".

وفي ذات السياق، صرح رئيس جمعية الدراجين الهواة السودانيين، سنوسي أحمد، لوكالة "سبوتنيك"، قائلا إنهم" يشجعون كثيراً على ركوب الدراجات ولديهم في ذلك مجهودات كبيرة لا سيما في الجانب الإعلامي"، ويرى سنوسي أن" الانتشار الأخير للدراجات في السودان، كان لمجهوداتهم التشجيعية دور كبير فيه"، مضيفا" لركوب الدراجات فوائد كثيرة منها الصحية لجسم الإنسان والاقتصادية كوسيلة رخيصة للمواصلات خاصة في السودان الذي يعاني مواطنوه من أزمات اقتصادية وتدنٍ شديد في مستوى الدخل، مما تشكل تكلفة المواصلات اليومية عبئاً كبيراً على ميزانية الفرد، لذلك التنقل بالدراج

ة خاصة الأماكن القريبة يعمل على تخفيف الضغط على الميزانية بصورة كبيرة".

وأشار سنوسي إلى، أن" أعداد الدراجين في ازدياد بصورة كبيرة وأنهم في الجمعية يستقبلون أعضاء جدد كثر"، لافتا إلى أن" كل الأعمار ومن الجنسين يشكلون عضوية الجمعية من سن 15 سنة وحتى 60 سنة"، موضحا أن" الدراجات المستخدمة في السودان الآن ثلاثة أنواع هي الدراجات العادية ودراجات السباق والدراجات الهجين، والأخيرة الأنسب لبيئة السودان حيث تستطيع السير بسهولة في الطرق الترابية".

ويعتقد سنوسي أن" أسعار الدراجات في السودان مرتفعة وقد لا تكون في متناول أصحاب الدخل المحدود وذلك للانهيار الاقتصادي وتدهور سعر العملة المحلية، ولكن رغم ذلك فالدراجة مجدية اقتصادياً وتخفف كثيراً في المصروفات اليومية"، مشيرا أن" عضوية الجمعية تضم المحترفين من الشباب والهواة وهم الأكثر، وتجمع بينهما العديد من الأنشطة حيث يتدربون مع بعض في يوم مخصص في الأسبوع أما بقية الأيام فهي للمحترفين حيث يسيرون لمسافات طويلة تزيد على 100 كلم، وهؤلاء المحترفون يشاركون في مسابقات دولية باسم السودان".

ويضيف سنوسي في هذا المضمار" لدينا تنسيق تام مع اتحاد الدراجات والعديد من الجهات الراعية في سبيل تسهيل المشاركات وتجهيز المحترفين وتوفير الدراجات الرياضية الجيدة في سبيل تحقيق الإنجازات على المستويين الإقليمي والدولي، وفي إطار نشاطات الجمعية".

وكشف سنوسي إنهم" بصدد إقامة سباق للهواة بالخرطوم وهو النسخة الثالثة من طواف فرنسا ومن خلاله يتم الترويج للسياحة في السودان عبر تصوير أبرز المعالم السياحية في كافة أنحاء البلاد تعرض في عدد من القنوات الفضائية الفرنسية، كما يعملون على تنفيذ مبادرة اجتماعية تحت شعار (إطارات الأمل) وتهدف إلى توزيع دراجات هوائية مجاناً على طلاب المدارس من الأسر الفقيرة كي يذهبوا بها إلى مدارسهم بسهولة و في وقت وجيز ويوفرون مصاريف المواصلات وبالتالي يخففون العبء على ميزانية أسرهم، وهذه المبادرة تهدف في مرحلتها الأولى إلى توزيع 100 دراجة على طلاب من أسر فقيرة وم�

� ثم يتم تقييم التجربة".

ومن جانب ذات الموضوع، أبان العضو باتحاد العام للدراجات، محمد عباس، إن" الاتحاد أنشئ في العام 1974 وكان أول رئيس له هو (أبو رجيلة) وانضم الاتحاد في ذات العام إلى الاتحادات الإفريقي والعربي والدولي"، مضيفا" أن" عضوية الاتحاد مفتوحة للجميع ومن كل الأعمار وهي تكون عبر الأندية المسجلة بالاتحادات المحلية".

ولفت عباس، أن" عضوية الاتحاد في دول العالم تكون في فئة المقتدرين مالياً، إلا أنه في السودان تلاحظ أن العضوية حتى في الفئات من ذوي الدخل المحدود، وذلك لأن الدراجة بالنسبة لهم غير أنها رياضة فهي وسيلة مواصلات تساهم بشكل كبير في تقليل المصروفات اليومية للفقراء، وبالتالي نجد أن أعداداً كبيرة منهم أعضاء في الاتحاد كدراجين وأصبحت مصدر دخل لهم من خلال المشاركة في البطولات والفوز بالجوائز".

وأشار عباس، أن" وفي الآونة الأخيرة عمل الاتحاد على تطوير اللعبة باستجلاب المدربين من الخارج، وأيضاً الاهتمام بفئات السيدات حيث تم تكوين فريق خاص بهن ويتم عمل برامج تدريبية لهن وقد أهلنا منهن فتاتين وشاركنا بهما في البطولتين العربية والإفريقية وأحرزت الميدالية الذهبية والفضية، كما عملنا على توفير الدراجات للمتدربين، ويقوم الاتحاد بتبني المواهب والأبطال بتوفير الدراجة الاحترافية والدعم المادي حتى يستطيع تحقيق الإنجازات، ويرى محمد عباس أن الدراجات في ازدياد كبير في السودان أكثر من أي وقت مضى ويتوقع أن تكون الوسيلة الأولى للمواصلات في ا�

�مستقبل القريب نتيجة أزمة المواصلات وتكلفتها العالية والاختناقات المرورية والتلوث البيئي بسبب عوادم السيارات".

وبنفس النسق، أكدت عضة جمعية الدراجين الهواة، إيناس مزمل، لوكالة "سبوتنيك"، أن" هنالك إقبالاً كبيراً على ركوب الدراجات من السيدات كرياضة خاصة من فئة الشباب وبعضهن شاركن في بطولات وأحرزت ميداليات، ومؤخرا بدأت السيدات من كبار السن في قيادة الدراجة كرياضة وانضممت إلى الجمعية"، وتقول إيناس أن" المجتمع داخل المدن بدأ يتسامح مع فكرة قيادة المرأة للدراجة ويتقبلها بشكل عادي، رغم وجود بعض المعاكسات والنظرة السلبية من البعض، أما في الريف فتظل العادات والتقاليد الصارمة هي سيدة الموقف".

وأوضحت إيناس أنهم" في الجمعية أطلقوا مبادرة الدراجيات السودانيات، كأول مبادرة في السودان لتشجيع السيدات على قيادة الدراجة، وهذه المبادرة لاقت اهتماماً كبيراً على المستويين المحلي والدولي، حتى أن وزيرة التعاون الدولي الهولندية شاركت فيها بقيادة دراجتها معهن إبان زيارتها للسودان قبل أربعة أشهر"، مضيفة إن" الدراجات النسائية لم تكن متوفرة في السابق في السودان ولكن مع ازدياد إقبال السيدات على ركوبها أصبحت متوفرة مع بدايات مبادرتنا قبل ثلاث سنوات".

ولفتت إيناس إلى أن" الدراجة صارت ذات أهمية اقتصادية للنساء خاصة أن بعضهن صرن يستخدمنها كمصدر رزق في مجال توصيل السلع والحاجيات إلى المنازل".