محمد المغربي .. لبناني مشرد بلا مكتبة ولا مأوى مجدداً

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 22 كانون الثاني 2022ء) تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منذ حوالي شهر بقصة كهل لبناني قادته ظروفه المعيشية الصعبة للإقامة تحت أحد جسور العاصمة اللبنانية، لكن سرعان ما تحولت تلك الإقامة إلى مكتبة عامة راح صاحبها يبيع الكتب أو يؤجرها، في مبادرة لقيت تشجيعاً معنوياً من وزارة الثقافة اللبنانية، قبل أن يستفيق هذا الرجل بالأمس ويجد مكتبته محترقة، فيبدأ اليوم رحلة جديدة لاستعادة إقامة ومكتبة، مع رأي عام تحلق حوله.

إسمه المتداول محمد إسماعيل المغربي. يُعرف عن نفسه من دون أن يُبرز هويته .. يقول إنه من مواليد بيروت، أي لبناني الهوية وأن أصوله من "مرتفعات كفرشوبا" أو من منطقة قريبة من نبع الوزاني في جنوب لبنان. بعض عارفيه يقولون إنه من أهل القرى السبع التي صادرتها إسرائيل من أهلها في العام 1948. لكن كيف وصل هذا الكهل الثمانيني بلحيته الكثة البيضاء وقامته الطويلة وسحنته السمراء إلى تحت جسر الفيات في بيروت؟

يقول إنه هُجر من منزله في منطقة قريبة من مكان الجسر، وتحديدا من مكان قريب من سنتر شالوحي في سن الفيل بشرق العاصمة اللبنانية.. يتهم بعض الأشخاص بالقيام بعملية تلاعب وغش ما أدى إلى الزج به في السجن لمدة سنتين، وعندما خرج قرر أن يقيم تحت الجسر في العراء ومعه كنزه الأحب إلى قلبه وهي مجموعات من الكتب كان قد اقتناها، وزاده حماسة إلى هذه المهنة الفترة التي أمضاها في السجن، حيث كان الكتاب رفيقه الأول والأخير.

استطاع الرجل أن يؤمن لنفسه فراشاً وبضعة أغطية وكراتين لاتقاء البرد، وبرفقته كلبه البني اللون الذي يحرسه.

عندما تسأله عن سر لكنته المصرية يجيب أنه تعلم الهندسة في القاهرة وتأثر باللكنة المصرية وما زال حتى الآن محافظاً عليها. على مدى سنتين، إتسعت جنبات "دارة المغربي". زاويته هناك. مطبخه وهو عبارة عن موقدة وقناني مياه وأطعمة ومعلبات. بضعة شتلات من الزرع يسقيها يومياً. مكتبة مترامية الأطراف من الكتب العربية والأجنبية المستعملة يفرشها يومياً على الرصيف تحت الجسر.

هذا كان قبل أن يصيبه ما أصابه قبل يومين. ليل الخميس ـ الجمعة الماضي، إستفاق "المغربي" على وهج حريق يحاصره وكانت درجات الحرارة في العاصمة ليلا منخفضة جداً بسبب موجة البرد، الأمر الذي استوجب أن يشعل هذا الكهل الثمانيني موقد النار طمعاً ببعض الدفء. أتى رجال الإطفاء وأخمدوا الحريق الذي أتى على مكتبة الرجل وعلى زاويته ليجد نفسه مجدداً على موعد مع رحلة جديدة.

هنا تختلف روايات شهود العيان بين قائل بأن الحريق كان متعمداً وبين قائل إن إهمال الرجل أدى إلى إندلاع الحريق خاصة وأن الرياح كانت قوية وأدى تطاير بعض شرر النيران إلى احتراق الكتب وإلى إتساع الحريق ليقضي على كل شيء.

ومنذ 48 ساعة، غصت وسائل التواصل بأخبار "العم المغربي" الرجل الثمانيني الذي قرر ألا يغادر المكان وأن يعيد بناء مكتبته وأن يبدأ من الصفر. زاره العشرات من المواطنين المتضامنين معه، فيما كانت بلدية بيروت تقوم بتنظيف المكان من آثار الحريق. قرر المغربي أن يقبل أي تبرعات من الكتب تصل إليه حتى يعيد بناء مكتبته التي كانت مفتوحة للعامة، حتى أنه لم يكن يبخل بإهداء كتاب لمن لا يملك قدرة على شرائه.

كان حلم المغربي قبل أيام قليلة أن ينتقل من جسر الفيات إلى بيت جديد ومتواضع وأن يتمكن من تأمين مكان ينقل إليه مكتبته ويحولها إلى شبه مكتبة عامة. تغيرت أحلامه بين ليلة وضحاها. صار هاجسه الآن أن يستعيد إمبراطوريته تحت الجسر إياه. أن يجد الزاوية التي كانت تأويه وأن يعود إلى مهنة البحث عن كتب قديمة هنا وهناك، إلى أن تسنح له فرصة جديدة مستقبلاً.