غوتيريش للمسؤولين اللبنانيين: حافظوا على اليونيفيل.. وإلا!

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 21 ديسمبر 2021ء) برغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من بيروت، القادة السياسيين اللبنانيين إلى الاتحاد لأن إنقسامهم "يعيق عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية"، فإن المشهدية السياسية اللبنانية تشي بالمزيد من التأزم.

فقد خرج رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي من لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بعد ظهر اليوم (الإثنين) متجهم الوجه، لتبدأ بعد ذلك عاصفة من الشائعات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، حول نية ميقاتي تقديم استقالة حكومته، إلا أن مصدراً حكومياً لبنانياً واسع الإطلاع قال لوكالة "سبوتنيك" إنه "ليس هناك في قاموس نجيب ميقاتي عبارة استقالة"، وشدد على أن استمرارية الحكومة اللبنانية هي مطلب دولي وإقليمي ومحلي ولا مصلحة لأحد في الفراغ اللبناني.

يأتي اللقاء بين بري وميقاتي في ظل إستمرار تعطيل الحكومة اللبنانية منذ منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي غداة أحداث الطيونة التي أدت إلى سقوط سبعة قتلى وعشرات الجرحى معظمهم من مناصري حزب الله وحركة أمل. وأظهرت التحقيقات لاحقاً أن العدد الأكبر من الضحايا سقط برصاص جنود الجيش اللبناني، علما أن حزب الله وحركة أمل كانا قد إتهما القوات اللبنانية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين إحتجاجاً على مجريات التحقيق في جريمة إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020.

ويطالب الثنائي (امل وحزب الله) بنقل ملف التحقيق مع رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقين ولا سيما وزير المال الأسبق علي حسن خليل (قيادي في حركة أمل) ووزير الأشغال العامة الأسبق غازي زعيتر (عضو في كتلة بري) إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بدل أن يكون بعهدة المحقق العدلي الحالي القاضي طارق البيطار.

وكشف مصدر لبناني واسع الإطلاع لوكالة "سبوتنيك" أن الهيئة العليا لمحكمة التمييز وهي أعلى هيئة قضائية لبنانية ستنظر هذا الأسبوع في المراجعة المقدمة من وكلاء الدفاع عن حسان دياب، فإذا توفرت الأكثرية (عدد أعضاء الهيئة خمسة قضاة) عندها سيحال ملف دياب وباقي الوزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وإذا تعذر ذلك، ستستمر أزمة تعطيل الحكومة إذ أن حركة أمل وحزب الله قررا مقاطعة جلسات مجلس الوزراء إلى حين سحب هذا الملف من يد القاضي البيطار إلى يد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

يتقاطع ذلك أيضاً مع اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية المعطاة للمجلس الدستوري للبت في الطعن المقدم من تكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل بعدم دستورية قانون الانتخاب وما طاله من تعديلات جعلت المغتربين يصوتون لمصلحة الـ 128 نائباً وليس لدائرة إغترابية من ستة نواب كما كان قد نص على ذلك قانون الإنتخاب الذي جرت على أساسه إنتخابات العام 2018.

وسط هذا المشهد السياسي المتأزم، تستمر الأزمة الإقتصادية والمعيشية في ظل تقديرات بأن عدم إجتماع الحكومة قبل نهاية الشهر الحالي قد يجعل الدولار الأميركي يلامس سعراً قياسياً (ثلاثون ألف ليرة للدولار الواحد)، الأمر الذي إستوجب عودة الضغوط الدولية، ولا سيما الفرنسية من أجل توفير مخارج للأزمة السياسية ـ الدستورية الحالية.

حتى أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صار طابعها اللبناني متقدما على ما عداه، حيث إستخدم عبارات سبق أن إستخدمها البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا سيما تشديده على وجوب أن يساعد اللبنانيون أنفسهم حتى يساعدهم العالم. وقال غوتيريش إن المجتمع الدولي سيفعل كل ما بوسعه لمساعدة الشعب اللبناني لكن "ما من سبيل أمام لبنان ليتجاوز محنته ما لم يتفهم القادة اللبنانيون أن هذه اللحظات هي آخر فرصة لهم لكي يتحدوا".

وإلتقى غوتيريش خلال زيارته التي بدأت أمس (الأحد) وتستمر حتى يوم الأربعاء المقبل عددا من كبار المسؤولين اللبنانيين يتقدمهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، كما زار مرفأ بيروت ووقف دقيقة صمت حداداً على أرواح حوالي 210 ضحايا وأكثر من ستة آلاف جريح سقطوا في إنفجار مرفأ بيروت، كما وضع إكليلاً من الزهر على نصب الضحايا في حرم مرفأ بيروت.

ومن المقرر أن تكون المحطة الأبرز في رحلة غوتيريش هي زيارة الجنوب اللبناني وتفقد قوات الطوارىء الدولية (اليونيفيل) العاملة هناك.

وقال مصدر دبلوماسي غربي في بيروت لوكالة "سبوتنيك" إن غوتيريش إستبق زيارته إلى بيروت بإتصالات شملت وزراء خارجية الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي (روسيا وأميركا والصين وفرنسا وبريطانيا) وأكد أن الأمين العام للأمم المتحدة "حصل منهم على تعهدات بدعم إستقرار لبنان"، وكشف المصدر أن فرنسا هي المفوضة أوروبياً ودولياً برعاية الملف اللبناني، وأن موفداً فرنسياً قد يزور بيروت قبل نهاية العام الحالي، في إطار التحضير لعقد مؤتمر دولي يخصص للمساعدات

الإنسانية توافق كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على عقده في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، بالتنسيق مع الفاتيكان وجامعة الأزهر الشريف.

وقال المصدر نفسه إن غوتيريش أبدى قلقه أمام المسؤولين اللبنانيين من أن يؤدي تدهور الوضع السياسي والإقتصادي والمالي إلى توترات إجتماعية تتخذ طابعاً عنفياً، وشدد على أهمية إلتزام لبنان بمندرجات القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ولا سيما القرار 1701. وقال غوتيريش، حسب المصدر إياه، مخاطباً المسؤولين اللبنانيين: "حافظوا على ماء الوجه في تعاملكم مع قوات "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني، وإلا ستصل الأمور إلى مرحلة لا يستطيع مجلس الأمن الدولي تبرير تمديد مهمة هذه القوات مجدداً في السمتقبل القريب".

ويأتي تحذير غوتيريش الذي سيتوجه غدا (الثلاثاء) إلى الجنوب اللبناني، قبيل ستة أشهر من موعد التمديد الدوري لقوات الطوارىء الدولية المعززة في جنوب لبنان، حيث يحاول الجانب الإسرائيلي تغيير "قواعد الإشتباك" (التي تنظم العلاقة بين "اليونيفيل" والجيش اللبناني ومن خلاله الأهالي اللبنانيين وقوى الأمر الواقع في الجنوب) وذلك لمصلحة إعطاء صلاحيات أكبر للقوات الدولية، تتيح لها إجراء مداهمات من دون إشعار مسبق وأيضاً توسيع نطاق الدوريات لمصلحة دخولها إلى بعض الأماكن الحساسة (أملاك خاصة) من دون إذن مسبق.

والجدير ذكره أن الأمم المتحدة تعتبر حالياً أكبر جهة دولية تقدم مساعدات إنسانية للبنان بينها حوالي المليار دولار تقدم لحوالي مليون ونصف مليون لاجىء سوري في لبنان، بالإضافة إلى المساعدات التي تقدمها وكالة "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات وبينهم فلسطينيو لبنان، فضلاً عن مساعدات أخرى عبر "الإسكوا" و"اليونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الزراعة والأغذية ومنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة، ناهيك عن حوالي نصف مليار دولار سنوياً تصرفها الأمم المتحدة لتمويل عمل قواتها (اليونيفيل) العاملة في الجنوب اللبناني.