بطريرك الموارنة يدعو إلى تثبيت حياد لبنان دستوريًا من خلال مؤتمر دولي

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 27 فبراير 2021ء) دعا بطريرك الموارنة في لبنان، مار بشارة بطرس الراعي، اليوم السبت، إلى عقد مؤتمر دولي لإقرار حياد لبنان دستوريًا، معتبرا أن البلاد تواجه اليوم "حالة انقلابية بكل ما للكملة من معنى".

وقال الراعي، في كلمة ألقاها أمام حشود تجمعت في الصرح البطريركي في بكركي (شمال بيروت) دعمًا لمواقفه، إن "خروج الدولة أو قوى عن سياسة الحياد هو السبب الرئيسي لكل أزماتنا والحروب التي وقعت في لبنان"، مشيرًا إلى أن "التجارب أثبتت أن كل مرة انحاز البعض إلى محور إقليمي أو دولي انقسم الشعب وعلق الدستور وتعطلت الدولة وانتكست الصيغة واندلعت الحروب"​​​.

واعتبر البطريرك الماروني أن "جوهر الكيان اللبناني المستقل هو الحياد بل الهدف من إنشاء دولة لبنان هو خلق كيان لبناني حيادي في هذا الشرق يشكل صلة وصل بين شعوب المنطقة وحضاراتها وجسر تواصل بين الشرق والغرب".

ولفت الراعي إلى أن "نظام الحياد يحافظ على دولة لبنان في كيانها الحالي الذي أساسه الإنتماء إليه بالمواطنة وليس ب الدين ، وميزته التعددية الثقافية والدينية والانفتاح على كل الدول وعدم الانحياز".

وأضاف أن "الدعوة إلى إقرار حياد لبنان نسعى إلى إعطائه صفة دستورية ثابتة بعد ورود ذكره في أشكال شتى وتعابير مختلفة في وثيقة إنشاء لبنان وفي بيان حكومة الاستقلال وفي بيانات كل  الحكومة  المتتالية وصولا إلى إعلان بعبدا في العام 2012".

وتابع "نحن مع المؤتمر الدولي لإنقاذ لبنان وطالبنا بذلك لأن كل الحلول الأخرى وصلت إلى حائط مسدود ولم نتمكن فيما بيننا من الاتفاق على مصير وطننا، حتى أن السياسيين المعنيين لم يتمكنوا من الجلوس على طاولة واحدة للحوار بشأن الوطن، ونحن مع المعالجة الداخلية فليتفضلوا إلى ذلك".

وأردف الراعي "طلبنا بمؤتمر دولي لأن كل الطروحات رفضت حتى تسقط الدولة ويتم الاستيلاء على مقاليد السلطة"، مضيفاً "نحن نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة على كل ومختلف الميادين في الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وعلى ما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق".

واعتبر الراعي أن "الانقلاب الأول كان على وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها مؤتمر (اتفاق) الطائف الذي عقد برعاية دولية وعربية ولم يطبق حتى اليوم بكامل نصه وبروحه، وعدل الدستور على أساسه، فظهرت ثغرات أثرت بالعمق على حياة الدولة حتى أصيب بالشلل"، مشدداً على أنه "لو تمكنت الجماعة السياسية من إجراء حوار لتحصين الوثيقة ومعالجة الثغرات في الدستور لما طالبنا بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يساعدنا على معالجة العقد التي تشل المؤسسات الدستورية".

و"اتفاق الطائف" هو الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان، وذلك بوساطة سعودية في 30 أيلول/سبتمبر 1989 في مدينة الطائف السعودية، وأقرّ بقانون بتاريخ 22 (تشرين الأول) أكتوبر 1989 منهيًا الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عامًا على اندلاعها.

وأضاف الراعي "نريد من المؤتمر الدولي أن يثبت الكيان اللبناني المعرض جدياً للخطر وأن يعيد تثبيت حدوده الدولية، وأن يجدد دعم النظام الديمقراطي الذي يعبر عن تمسك اللبنانيين بالحرية والعدالة والمساواة، وإعلان حياد لبنان كي لا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرض الانقسامات ويتأسس على قوة التوازن لا على موازين القوى التي تنذر دائما بالحروب، وأن يتخذ جميع الإجراءات لتنفيذ القرارات الدولية المعنية بلبنان التي لم تنفذ أو نفذت جزئياً، لأن تنفيذها من شأنه أن ينقذ استقلال لبنان وسيادته ويسمح للدولة أن تبسط سلطتها الشرعية على كامل أراضيها من دون أي شر�

وتابع "نريد من المؤتمر الدولي أن يوفر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان والقادر على استعداد القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب من خلال نظام دفاعي شرعي يمسك بقرار الحرب والسلم".

وأضاف "نحن نريد من المؤتمر الدولي أن يحسم وضع خطة تنفيذية سريعة لمنع توطين الفلسطينيين وإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم ولا نريد منه جيوشاً ومعسكرات أو المس بكيان لبنان.

ورأى الراعي أن "أي تطوير للنظام اللبناني لا يجوز أن يكون على حساب ما تم الاتفاق عليه منذ تأسيس دولة لبنان"، موضحاً أن "التطوير لا يعني إلغاء المواثيق الدستورية بل توضيح الملتبس فيها كي تتكامل السلطات الدستورية، وهو لا يعني محو الماضي بل تحصين الثوابات".

وأشار إلى أن "كل ما نطرحه اليوم هو لتجديد وجودنا الحر والسيد والمستقل وهو لإحياء الدولة اللبنانية المعطلة والمصادرة، فقد حررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأداءها"، لافتاً إلى أن "عظمة حركات التحرر والمقاومة في العالم هي أن تصب في كنف الدولة وشرعيتها، وعظمة الدولة أن تخدم شعبها، فاين نحن ودولتنا من هذه العظمة"؟