رؤساء الحكومة السابقون في لبنان: مطالعة الأمين العام لحزب الله تنسف المبادرة الفرنسية

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 30 سبتمبر 2020ء) أكد رؤساء الحكومة السابقون في لبنان نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، وتمام سلام أن مطالعة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تنسف المبادرة الفرنسية لدعم لبنان، وذلك ردا على تصريحات نصر الله أمس التي أكد فيها تأييده للمبادرة الفرنسية، إلا أنه دعا في الوقت ذاته إلى "إعادة النظر" في طريقة العمل.

وقال رؤساء الحكومة السابقون، في بيان اليوم الأربعاء، "إن مطالعة الأمين العام لحزب الله [حسن نصر الله] تنسف المبادرة الفرنسية أيضا بمحتواها الاقتصادي والمالي من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية والمالية"​​​.

وأضافوا "المبادرة الفرنسية، التي شكلت الفرصة الوحيدة لمحاولة وقف انهيار لبنان، بنيت على ضرورة تعليق كل ما يمت إلى السياسة الداخلية التقليدية، ومسألة تنافس الكتل والأحزاب، لأشهر معدودة بحيث تتفق الكتل النيابية الرئيسية على حكومة إنقاذ مصغرة من الاختصاصيين الأكْفاء لا تسميهم الأحزاب، لتنفيذ برنامج إصلاحي اقتصادي مالي ونقدي وإداري بحت، مفصل في خطواته للأشهر الثلاثة الأولى، لفتح المجال أمام البدء باستعادة الثقة وعودة التمويل الخارجي للبلد".

وأكد الرؤساء "من المؤسف أن يجتنب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحقيقة إلى هذه الدرجة في الرواية التي ساقها بشأن المساعي التي قام بها الرئيس (رئيس الحكومة المكلف الذي اعتذر لاحقا عن مهمة تشكيل الحكومة) مصطفى أديب في محاولة تشكيل حكومة إنقاذية والأسباب التي أدت إلى فشلها".

وأشاروا إلى أن "الرئيس المكلف لم يكن في مقدوره التشاور مع فخامة رئيس الجمهورية، أو مع أي من الكتل السياسية في الأسماء والحقائب في ظلّ العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي أمل وحزب الله، فور وصول جهوده الى مراحلها الاخيرة عشية العقوبات التي أعلنت بحق الوزيرين السابقين، والتي نشأت عنها تعقيدات واستعصاءات".

وشددوا على أن "الملفت في رواية الأمين العام لحزب الله أنها تعمدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل.  وهو الأمر الذي لا اساس له من الصحة، علماً أنّ ما طالب به الرئيس المكلف هو ذاته ما طالبت به رئاسة الجمهورية ومعظم الكتل والشخصيات السياسية والنيابية التي شاركت في استشارات القصر الجمهوري، من اعتماد للمداورة في الحقائب باستثناء ممثلي الثنائي أمل وحزب الله".

ولفت رؤساء الحكومة اللبنانية السابقون إلى أن "لم يكن السيد نصر الله موفقا في العودة إلى أحداث أيار 2008 للتذكير بالاعتداء الذي تعرضت له بيروت، وهو ما قرأه اللبنانيون تهديدا غير مقبول وتلويحا باستخدام الفوضى والعنف والفلتان الأمني، والتي لا تستثني أحدا من مخاطرها".

وأكدوا "باختصار، فإن الأمين العام لحزب الله يريد حكومة يتمثل فيها حزبه، وتسمي فيها الأحزاب ممثليها للوزارات المختلفة. وهذه الوصفة هي التي تنطبق تماماً على ما جرى عند تأليف الحكومة المستقيلة، والتي أدّت إلى النتائج الواضحة والجلية، والتي رآها ويراها اللبنانيون كل يوم بأعينهم، والتي استدعت أساسا مبادرة مشكورة للرئيس ماكرون في محاولة أخيرة لوقف الانهيار".

وبحسب البيان "يؤكد رؤساء الحكومة السابقون حرصهم على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين وتمسكهم بالمبادرة الفرنسية المشكورة وبالدور الكبير للرئيس ماكرون في الإصرار على متابعتها للإسهام في إنقاذ لبنان".

وكان حسن نصر الله قد أدلى بكلمة أمس قال فيها "رحبنا بزيارة ماكرون ومبادرته، لكن لم نرحب به على أن يكون مدعيا عاما ومحققا وقاضيا ومصدرا للأحكام ووصيا وحاكما على لبنان"، مشيرا أن "التعامل مع الأمر كان ترحيبا بمبادرة من صديق".

وتابع "ما زلنا نؤيد المبادرة الفرنسية ولكن يجب إعادة النظر بالخطاب لأن ما مُسّ قبل يومين هو الكرامة الوطنية"، مشيرا إلى أنه "لا نقبل أن يتهمنا أحد بالفساد وإن كان لدى الفرنسيين أدلة على هذا الأمر فليحضروا أدلتهم".

وأكد نصر الله "بعد تكليف أديب طلب منه البعض الانتظار لأنه يوجد من يفاوض، ولم يحصل أي نقاش أو لقاء، واضطر رئيس الجمهورية أن يستدعي رؤوساء الكتل لمناقشتهم ورئيس الجمهورية هو شريك في تشكيل الحكومة".

واعتذر رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب، السبت الماضي، عن تشكيل الحكومة الجديدة، عازيًا السبب إلى غياب التوافق الداخلي وعدم استجابة القوى السياسية لشروطه، ولا سيما شرط أن تكون الحكومة غير سياسية.

وحمّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد الماضي، المسؤولين اللبنانيين الفشل في تشكيل حكومة جديدة وإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يتطلع إليها الشعب اللبناني، مشيرا إلى إمهال المسؤولين اللبنانيين من 4 إلى 6 أسابيع لتشكيل الحكومة.

وقال ماكرون إن "تشكيل حكومة لبنانية من دون الشيعة أمر غير واقعي، لأن المسؤولين يخشون حزب الله ويخشون الحرب"، كاشفا  أن "حركة أمل وحزب الله في لبنان قررا أنهما لا يريدان التغيير، وتعنتا في تسمية وزرائهما".

كان الرئيس اللبناني كلف أديب، الذي يشغل منصب سفير لبنان في ألمانيا، بتشكيل حكومة جديدة في 31 آب/أغسطس الماضي، وذلك على أثر استقالة حكومة حسان دياب غداة الانفجار المدمر الذي ضرب مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس الماضي.

وحمل الرئيس الفرنسي سابقا، خلال زيارة إلى لبنان، التقى خلالها كافة القوى السياسية، مبادرة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، مانحًا القوى السياسية مهلة 15 يومًا لتشكيل الحكومة الجديدة.

وبرغم انقضاء المهلة في 15 أيلول/سبتمبر الحالي، إلا أن الاتصالات السياسية ظلت مستمرة على أكثر من خط، في محاولة لحل العقد الحكومية، وأهمها إصرار "الثنائي الشيعي" - حركة "أمل" و"حزب الله" -  على تسمية الشخصية التي ستتولى وزارة المال، وضرورة إبقاء هذا المنصب من حصة الطائفة الشيعية، وهو ما قوبل برفض من قبل قوى سياسية أخرى، من بينها رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الجمهورية والبطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبالرغم من أن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري حاول طرح مبادرة لحل هذه العقدة، تمثلت في موافقته على أن يكون وزير المال في الحكومة الجديدة منتميا للطائفة الشيعية وذلك لمرة وحيدة، على أن يتولى مصطفى أديب تسميته، إلا أن هذا الطرح لم يقابل بإيجابية من قبل "الثنائي الشيعي".

ويعاني لبنان حالة من عدم الاستقرار في ظل تظاهرات متواصلة منذ أواخر العام الماضي احتجاجا على تدني الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وزادت حدة هذه التظاهرات عقب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس.