خبراء: تقرير الأغذية العالمي حول العراق غير واقعي وقد تقف خلفه أبعاد سياسية

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 26 اكتوبر 2021ء) أحمد شهاب الصالحي. غير منصف وغير واقعي ​​​.. هكذا علق خبراء في المجالين الاجتماعي والاقتصادي في العراق، اليوم الثلاثاء، على تقرير لبرنامج الأغذية العالمي أدرج العراق ضمن سبع دول هي الأشد جوعا في العالم، وأن ثلث الشعب العراقي ينام جائعاً، إلى جانب بلدان شديدة الفقر، مثل الصومال ومدغشقر والكونغو وغيرها.

تقييم الخبراء ذهب باتجاه ما ذهبت إليه وزارة التخطيط في العراق التي وصفت تقرير برنامج الغذاء العالمي بأنه بني على مؤشرات غير واقعية .

وأوضحت الوزارة في بيان، يوم الأحد، أن "العراق لم يواجه أزمة غذائية يمكن أن تسبب تهديداً بالجوع للفئات الهشة في المجتمع، حتى خلال ذروة انتشار جائحة كورونا، التي شهدت فيها الكثير من البلدان أزمات غذائية، بسبب الإجراءات الحكومية التي أسهمت في توفير المواد الغذائية، سواء المنتجة محليا أو المستوردة، بالإضافة إلى التكافل الاجتماعي".

وأضافت بأن "الحديث عن وجود ثلث العراقيين جائعين، كلام ينافي الواقع، لأن نسبة الهشاشة الغذائية في العراق، تبلغ اقل من 2 بالمئة من مجموع السكان، وهذه النسبة ارتفعت بعد موجات النزوح عام 2014 ( بسبب دخول تنظيم داعش الإرهابي للبلاد"، موضحة أن "نسبة الفقر عام 2020 ارتفعت إلى 31 بالمئة، وهذا لا يعني أن هذه النسبة تمثل السكان الجائعين مطلقاً، إنما هذا يدخل في إطار ما يعرف بـ "الفقر متعدد الأبعاد" الذي يشمل الصحة والتعليم والسكن، والدخل، وارتفعت النسبة نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية" .

تقرير برنامج الأغذية العالمي غير منصف

وحول هذا الموضوع ، يصف الباحث في الشأن الاجتماعي في العراق د.أحمد مهودر تقرير برنامج الغذاء العالمي بغير المنصف فيما يخص الجوع في البلاد ، رغم تأكيده ارتفاع نسبة الفقر في العراق قياسا بدول الجوار العراقي وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة .

ويقول مهودر في حديث لسبوتنيك " بشكل عام لا أعتقد أن هذا التقرير تقرير منصف. صحيح أن نسبة الفقر في العراق تعد عالية قياساً بدول المنطقة، لكن أن يكون العراق من أكثر البلدان جوعاً فأعتقد أن البيانات التي اعتمدها برنامج الأغذية العالمي غير صحيحة وغير دقيقة، على اعتبار أن الشعب العراقي ربما كان في سنوات الحصار ( في زمن النظام العراقي السابق) يعاني من مشكلة الحصار الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية، لكن في السنوات الأخيرة على الرغم من الكثير من العمليات الإرهابية والتخبط في إدارة الملف الاقتصادي والمالي في البلاد، لكن هناك تحسن ملحوظ بمستوى المعي

شة بشكل عام "، وأكد " هنا لا ندعي أن مستوى المعيشة هو قد أرتقى إلى مصافي الدول المتقدمة أو حتى دول الجوار لكن هناك تحسن ملحوظ وواضح ".

وأضاف " موازنة العراق سنويا تقدر تقريبا بـ100 مليار دولار ومن المؤكد أن هذه الأموال تذهب إلى مناحي متعددة وجزء منها يذهب إلى تحسين معيشة الشعب العراقي على الرغم، وهنا أوكد على الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وحتى في أبواب صرف الموازنات على مدى السنوات الماضية قد أثقل الميزانية وتسبب بهدر الكثير من المال العام، لكن مع هذا تبقى الحاجة الأساسية وهي الطعام تقريباً متوفرة لدى قطاع واسع من الشعب العراقي، لكن ليست بالمستوى المطلوب ولا تقابل ما يخصص من موازنات انفجارية ".

مطالبات بإبعاد ملف الحصة التموينية عن الفساد

ويطالب مهودر بالاهتمام بملف الحصة التموينية في العراق ( حزمة مواد غذائية رئيسية، توزع بسعر رمزي شهرياً على العراقيين، وبدأ توزيعها في زمن النظام العراقي السابق في عام 1990 تخفيفاً لعواقب الحصار الاقتصادي الذي فرض على البلاد آنذاك بسبب الغزو العراقي للكويت) ، داعياً إلى إبعاد هذا الملف عن الفساد.

ويقول مهودر، في حديثه لسبوتنيك، إن "العراق سابقاً كان يمتلك نظاماً اقتصادياً في توزيع البطاقة التموينية، كان رائعاً جداً ويحقق العدالة بين أبناء الشعب العراقي، ولكن هذا الموضوع تلكأ في السنوات الماضية بعد 2003، ونتطلع إلى أن يكون خلال المرحلة القادمة ومن خلال الحكومة الجديدة أن يتم إعادة النظر في برنامج البطاقة التموينية وتوفير المستلزمات الأساسية والضرورية للمواطن العراقي".

وأضاف " الفساد المستشري في وزارات الدولة ككل ووزارة التجارة على وجه الخصوص، الفساد مستشري بدرجة كبيرة وإلا كيف نفسر بلد كان محاصر وكان ممنوع من تصدير النفط ورغم ذلك كان يستطيع أن يوفر مفردات البطاقة التموينية التي كانت تصل مفرداتها إلى 10 مفردات وبنوعيات جيدة ومقبولة، والآن مع وجود الوفرة المالية ووجود التخصيصات بالمليارات لوزارة التجارة نجد هذا التلكؤ وهذا التباطؤ وعدم الإيفاء بالوعود وعدم توفير البطاقة التموينية بمفردات لائقة وجيدة ".

وتابع "الجميع يتذكر قبل 3 سنوات تقريبًا فضيحة الرز الفاسد الذي تم توزيعه في الحصة التموينية، هنا نلاحظ مدى الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وفي وزارة التجارة، ومعروف للجميع كيف أن الوزارات تباع بملايين الدولارات والوزير والمدير العام وحتى وكيل الوزارة لا يستلم المنصب إلا بعد أن يدفع للجهة الفلانية أو الحزب الفلاني مبالغ مالية عالية جداً وبالتالي هو يسرقها من قوت المواطن العراقي".

لا توجد مقارنة بين العراق ودول فقيرة في أفريقيا

تقييم الباحث الاجتماعي العراقي، أحمد مهودر، لما جاء في تقرير برنامج الأغذية العالمي كان متوافقاً مع رأي الخبير الاقتصادي العراقي، صلاح عريبي، الذي استغرب مقارنة العراق ودول فقيرة في أفريقيا .

ويقول عريبي، في حديث لسبوتنيك " العراق يمتلك الكثير من الإمكانيات رغم سوء الأوضاع السياسية، لكن في مسألة الجوع فالعراق يتميز بأنه من البلدان صاحبة الوفرة في الخيرات، ولا يمكن مقارنة العراق بدول جنوب أفريقيا ودول لا تمتلك الموارد الكافية لتغطية مسألة الجوع لديها ".

وأضاف " إطلاق كلمة جوع ومقارنتها بأفريقيا لا يمكن تطبيقها على العراق ومن النادر جداً أن تسمع بوجود عائلة جائعة في العراق، والقضة الأخرى أن العراق يمتلك منظومة تكافل اجتماعي قوية جداً في البلاد وهذا التكافل سواء كان على المستوى العشائري أو على المستوى الديني أو الأخلاقي والثقافي، في أي منطقة يعلم الناس أن هناك عائلة جائعة تتبادر كل الأيادي لتقديم المساعدة لهذه العائلة، وبالتالي إذا كان تقرير المنظمة واقعياً، كان لا بد من إعطاء إحصائيات لأعداد الوفيات بسبب الجوع في البلاد، ولكن على أرض الواقع في العراق لا يوجد مثل هكذا وفيات وهي قضية غير م�

�طقية لبلد مثل العراق ".

وتابع " في المواسم الدينية نجد أن العراق قد يكون أكبر بلد في الكرم بالطعام في التاريخ ".

أبعاد سياسية قد تقف وراء تقرير برنامج الأغذية العالمي

ولا يستبعد عريبي أن تكون هناك أبعاد سياسية تقف وراء برنامج الأغذية العالمي حول العراق .

ويقول في حديثه لسبوتنيك " حقيقة تفاجأت بمضمون التقرير وكأنهم يتحدثون عن تشاد أو الصومال، وهذا كلام غير منطقي ، ولا أستبعد وجود بعد سياسي معين أو محاولة إحراج للبلاد بمثل هكذا قضية ، لأن هذه القضية لا تتوافق مع الواقع في العراق ".

ويضيف " كيف يصدر مثل هكذا تقرير؟ ، يفترض بمثل هكذا تقرير وجود الحيثيات وعلى أي أساس تم بناء التقرير ، هل هناك من أعطى معلومات مغلوطة وغير دقيقة عن واقع المجتمع العراقي لهذه المنظمة ؟ وهل المنظمة لا تملك الأدوات الحقيقية لاستقراء كل المحافظات العراقية ؟ نحن لا نختلف على وجود مستوى معين من الفقر في البلاد ومعترف به من قبل الحكومة، لكن هناك فرق بين مستوى الفقر والبطالة وبين مسألة الجوع ".

وأضاف " العراق بلد لا يحتاج لمساعدات كدول أفريقيا بل على العكس العراق بين فترة وأخرى يرسل مساعدات لبعض الدول للمساعدة في الأزمات، وليس دفاعا عن النظام السياسي الحالي وإنما القضية بالعقل والمنطق لا تتطابق مع الأوضاع المعيشية في البلد ".

وتابع " أتحدى المنظمة أن تقدم تقارير رسمية تثبت وجود معدل معين بأن الناس تموت بسبب الجوع، حتى في أزمة داعش وأزمة النزوح التي كانت هي أزمة صعبة جداً، كانت هناك مواد غذائية تقدم في المخيمات سواء كان من قبل المنظمات الدولية أو الحكومة العراقية رغم ما كانت تعنيه هذه المخيمات، لكن لم يكن هناك شيء مثل، أن يموت الإنسان من الجوع ".