تحسن في العلاقات المصرية-الأميركية رغم النقد الأميركي لملف حقوق الإنسان في مصر- خبير مصري

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 12 نوفمبر 2021ء) مصطفى بسيوني. اعتبر أستاذ السياسة في جامعة القاهرة حسن نافعة أن الحوار الاستراتيجي بين مصر وأميركا الذي أجري قبل أيام، يمثل تحسنا في العلاقات بين البلدين بعد فتور بدأ منذ تولي بايدن السلطة، مشيرا إلى أن أميركا ستسعى في علاقتها مع مصر لخلق التوازن بين مصالحها وموقفها من ملف حقوق الإنسان في مصر​​​.

وقال نافعة في حديث حصري سبوتنيك "هناك تغير في العلاقات المصرية الأميركية، كانت العلاقات قوية بين النظام المصري وإدارة ترامب، ولم يكن هناك أي فتور يذكر، كانت هناك ملاحظات أميركية على ملف حقوق الإنسان، ولكن ترامب لم يكن يعبأ بهذا الملف".

وأضاف نافعة "الفتور بدأ مع وصول بايدن للحكم، نظرا لالتزامه أمام ناخبيه بتصدر قضية الديموقراطية جدول أعماله في مرحلة ما بعد ترامب، وبالفعل الولايات المتحدة مارست ضغوطا على الحكومة المصرية وكان آخرها حجب جزء من المعونة المقدمة لمصر من أميركا سنويا، ورغم أن الرقم المحجوب لم يكن مؤثرا، إلا أنها كانت رسالة رمزية تفيد بعدم رضا أميركا عن ملف حقوق الإنسان في مصر".

وأوضح نافعة "في الوقت نفسه تدرك أميركا أهمية مصر في المنطقة، وتدرك أن علاقة مصر بإسرائيل علاقة مثمرة وضرورية، وإدارة بايدن اختبرت الدور المصري في المواجهة المسلحة بين إسرائيل وقطاع غزة وكان الدور المصري ضروري، وكانت تلك هي المناسبة التي تحدث بايدن فيها إلى السيسي، لا نستطيع أن نقول أن التحفظات الأميركية على ملف حقوق الإنسان قد زالت، لأن في مؤتمر غلاسكو كان من المتوقع أن يلتقي السيسي وبايدن، وهو ما لم يتم."

وأكد نافعة أن المصالح الأميركية في المنطقة سيكون لها دائما الأولوية في علاقاتها مع مصر موضحا "الولايات المتحدة من خلال الحوار الاستراتيجي تريد أن تقول أنها ملتزمة بالعلاقة مع مصر الدولة، مصر الموقع الجغرافي، ومصر صاحبة الدور في العديد من ملفات المنطقة، ولكن لا يعني هذا غياب التحفظات على ملف حقوق الإنسان، تسعى لتحقيق توازن بين الرغبة في الحفاظ على المصالح الأميركية في المنطقة وفي الوقت نفسه إرسال رسالة لجماعات حقوق الإنسان والداخل الأميركي بأنها لم تغير موقفها تجاه ملف حقوق الإنسان، وأنها لا زالت ملتزمة به".

وقلل نافعة من التأثير الأميركي على ملف سد النهضة قائلا "فيما يتعلق بسد النهضة يمكن القول بأن الموقف الأميركي إزاء سد النهضة لن يكون أفضل في عهد بايدن مما كان عليه في عهد ترامب بأي حال من الأحوال، لا يجب أن يتم التعويل كليا على الولايات المتحدة في هذه القضية، لأن قدرة الولايات المتحدة على ممارسة ضغوط حاسمة على أثيوبيا تجبرها على تغيير موقفها هي قدرة محدودة في واقع الأمر".

وأضاف نافعة "ولكن التأييد الأميركي للموقف المصري مهم، حتى وإن لم يكن كافيا، أثيوبيا باعتبارها دولة كبيرة في القرن الإفريقي، يجعل أميركا تحسب حسابها، وهناك حرب شبه أهلية في أثيوبيا حاليا وقد تتوسع هذه الحرب وهو ما يشكل خطورة في المنطقة والولايات المتحدة مهتمة بوقف هذه الحرب أكثر من اهتمامها بملف سد النهضة، ومصالحها في أثيوبيا هامة، يمكن أن تمارس انتقادات للنظام الإثيوبي ولكن ليس للحد الذي يؤدي لقطيعة. وأثيوبيا تدرك أن الولايات المتحدة قدراتها محدودة في هذا الملف".

وتوقع نافعة أن يظل ملف حقوق الإنسان محل جدل في العلاقات المصرية الأميركية ولكن دون أن يؤدي لأزمة في العلاقات بين البلدين وأكد "فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، فالخطوات التي اتخذها النظام المصري في ملف حقوق الإنسان حتى الآن، مثل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ورفع حالة الطوارئ، تبدو كخطوات مصممة فقط للتخاطب مع الخارج وليس لتغيير حقيقي في الداخل، والعالم الخارجي يدرك هذا جيدا، ولكن العلاقات تبنى بين الدول على أساس المصالح المتبادلة، وليس على أساس القيم الأخلاقية، ولا حتى القانون الدولي".

وأضاف نافعة "ما يقوم به النظام المصري خطوات رمزية يمكن أن تساعد الدول الغربية في التي لا تريد زيادة الضغط على مصر، تساعدها في مواجهة المطالبات الداخلية لديها بزيادة الضغط، ولكنها تدرك أنها خطوات شكلية ولا تؤدي لتغير حقيقي في ملف حقوق الإنسان، التغيير سيحدث عندما يخرج المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي".

وأكد نافعة "الولايات المتحدة ستواصل الضغط، ولكن دون التأثير على مصالحها، ستحاول الوصول لنقطة توازن بين مصالحها والضغط المحسوب، ولكن لن يكون ملف حقوق الإنسان هو العامل الأكثر تأثيرا في العلاقات المصرية الأميركية، ولن يغيب أيضا".

وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال حملته الانتخابية، متعهدا بالضغط على النظام المصري لتحسين أوضاع حقوق الإنسان بعد توليه الرئاسة، وكان آخر هذه الضغوط حجب 130 مليون دولار أميركي من مساعدات أميركية لمصر.

ورغم إطلاق الحكومة المصرية استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان ورفعها لحالة الطوارئ التي طبقت في البلاد منذ سنوات، إلا أن الإدارة الأميركية لم تستجب لهذه الخطوات.

وعقد الحوار الاستراتيجي بين مصر وأميركا الأسبوع الماضي بعد انقطاع امتد منذ عام 2015، وشهد الحوار اجتماعات بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي بالإضافة لعدد من المسؤولين الأميركيين. حيث ناقشت تلك الاجتماعات العديد من القضايا الإقليمية والدولية وملف سد النهضة والعلاقات الثنائية وملف حقوق الإنسان في مصر.