أضحية العيد في مصر .. تقاليد عتيقة تتراجع لصالح الاتجاهات الجديدة

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 18 يوليو 2021ء) مصطفى بسيوني. ارتبط عيد الأضحى في مصر بالأضحية وما يصاحبها من تقاليد وعادات.

وبجانب الطقس الديني الذي تمثله الأضحية، كان اقتراب موعد عيد الأضحى في مصر، يصاحبه في البيوت المصرية احتفالات متتالية، مرة بشراء الأضحية قبل العيد بأسابيع واحتفال الصغار بالضيف الجديد بالبيت وإطعامه واللعب معه، ثم مع حلول العيد يتحول طقس الذبح صباح أول أيام العيد لحالة احتفالية يشارك بها الصغار والكبار، ويأتي دور توزيع لحوم الأضحية على الأقارب والأصدقاء والفقراء، لتشمل الاحتفالات بالأضحية في نهاية الأمر الجميع، الصغير والكبير والنساء والرجال والأقرباء وحتى الغرباء.

تراجعت مؤخرا الكثير من الطقوس والعادات التي ارتبطت بأضحية العيد، فالقدرة على شراء الأضاحي في ظل الأزمات الاقتصادية تراجعت، كما أسهم وباء (كوفيد-19) في العامين الأخيرين على تراجع كافة العادات المرتبطة بالتجمعات الاحتفالية فضلا عن الآثار الاقتصادية التي خلفها، ولكن المساهمة الأكبر في تراجع الطقوس المرتبطة بالأضحية كانت لظهور بدائل جديدة لذبح الأضاحي، وهي الصكوك التي تقدمها وزارة الأوقاف والجمعيات الخيرية، لتقتصر المساهمة في الأضحية على دفع قيمة (صك الأضحية) دون إقامة أي مظاهر احتفالية ابتداء من شراء الأضحية وحتى توزيع لحومها.

رئيس شعبة القصابين المصريين في اتحاد الغرف التجارية، محمد وهبة، يرصد في حديثه الخاص، لسبوتنيك، تراجع التقاليد التي ارتبطت لأجيال بالأضحية، قائلا "هناك تأثير بالطبع في العامين الأخيرين بكورونا، وتراجع الطلب على الأضاحي بأنواعها بشكل واضح، كما أن المنافذ التابعة للدولة والتي تقدم لحوم منخفضة الأسعار جذبت قطاع كبير من الاستهلاك، يمكن القول أن منافذ الدولة بأنواعها تجذب 60 بالمئة من الاستهلاك، ويتبقى 40 بالمئة للقطاع الخاص".

وأضاف وهبة "مع تراجع الطلب على الأضاحي تشهد الأسعار التي كانت ترتفع سنويا استقرارا نسبيا في العام الحالي، فسعر الكيلو يتراوح بين 55 و60 جنيه (حوالي أربعة دولارات) للكيلو في الأضحية، ومتوسط وزن الأضحية حوالي من 50 إلى 80 كيلو للخروف، وللعجول يتراوح وزن الأضحية بين 300 إلى 500 كيلو".

ويوضح وهبة أسباب أخرى لتراجع الطلب على الأضاحي قائلا "الكثير من العادات تراجعت، كانت الأضحية ترتبط ببهجة العيد وتمتين الروابط الاجتماعية، كان أهل البيت كلهم يشاركون في الأضحية، بداية من شرائها وحتى توزيع اللحوم، أما الآن فصك الأضحية يغني عن كل ذلك، وهي شرعية أيضا، الناس أصبحت أيضا تفضل الصكوك لأنها أسهل ولا تحتاج لجهد كبير، وظروف الحياة لم تعد تسمح بذلك".

وأوضح وهبة "صك الأضحية نقلناه عن السعودية، وهو متبع في الحج، وذلك بسبب الأعداد الهائلة والتي كانت تتسبب في إهدار كميات كبيرة من اللحوم، ولكن في مصر، لم تكن الأضاحي تتسبب في إهدار بل على العكس كانت تمثل عادات اجتماعية جميلة للأسف تتراجع الآن".

عضو شعبة القصابين محمد ريحان يؤكد هذا الحديث قائلا في حديثه لسبوتنيك، "العديد من العوامل تتسبب في تراجع الطلب على الأضاحي، الاتجاه للصكوك، والتي تسمح بمشاركة أعداد أكبر في الأضاحي، وتقلل الإهدار، وكذلك كورونا، والأسعار، متوسط سعر الخروف مثلا 3500 إلى 5000 ألاف جنيه (حوالي 225 إلى 320 دولار) أما العجول فيتراوح سعر الأضحية بين 20 إلى 30 ألف جنيه (حوالي 1300 إلى 1900 دولار)، بالإضافة إلى أعباء الذبح والتقطيع والتنظيف والتوزيع، صك الأضحية يدفع المضحي مبلغ محدد ولا يتحمل أي أعباء أخرى، ولكن يمكن القول أن عادات الأضحية ما زالت مستمر في الأقاليم وخاصة الريف أ�

ما يراه القصابون يتفق معه الجمهور، فمن كان يلتزم من قبل بتقاليد الأضحية على الطريقة الشعبية أصبح يفضل الآن دفع قيمة الصك وتوفير العناء، هذا ما يؤكده المهندس محمد مجدي قائلا لسبوتنيك "كنت في بيت العائلة قديما حيث يعيش الأب والأم والأبناء ننتظر عيد الأضحى لنحتفل بطقوس الأضحية، ونذهب ونحن صغار لتوزيع لحوم الأضاحي، أما الآن ففي أسرتي الصغيرة نكتفي بدفع قيمة صك الأضحية، طبيعة البيوت اختلفت وأصبح من الصعب الذبح أمام المنزل، كما أن العلاقات الاجتماعية بين الجيران اختلفت ولم تعد الصلات بين الجيران تتضمن توزيع أو تبادل لحوم الأضاحي".

هذا ما يؤكده أيضا المحاسب محمد صلاح قائلا لسبوتنيك "كنت صغيرا أعيش في الريف مع عائلتي الكبيرة، وكنا ننتظر عيد الأضحى بفارغ الصبر، لأن الأضحية لم تكن لحوم فقط، كنا نذهب للسوق لشرائها ونتعهد بطعامها ورعايتها حتى العيد، وكنا نحتفل بذبح الأضحية عقب صلاة العيد مباشرة، وكنا ننطلق في شوارع القرية لتوزيع لحم الأضحية، كانت هذه هي طقوس العيد بالنسبة لنا، الآن أنا أعيش مع أسرتي في القاهرة، لو ذبحت أضحية لا أعرف لمن أوزع لحومها، ولكن عندما أشتري الصك أعرف أن قيمته ستذهب لمستحقيه، كما أن شقق القاهرة الضيقة لا تحتمل طقوس الأضحية واحتفالاتها، والعلاقات

بين الجيران محدودة للغاية، لم يقدم لنا أيا من جيراننا لحوم أضحية في أي عيد، ولم نقدم نحن".

تدور عجلة الزمن سريعا مخلفة ورائها الكثير مما كان يبدو راسخا وثابتا في المجتمع، ليحل محله حلولا عملية سريعة، تؤدي المهمة بنجاح وسرعة، ولكن المقابل يكون طي الكثير من العادات والتقاليد في هوة النسيان.