لبنان..توتر أمني خلال احتجاجات ضد تردي الأوضاع الاقتصادية

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 07 يونيو 2020ء) شهد الوضع الأمني في لبنان، مساء اليوم السبت، تطورات أمنية خطيرة، تمثلت في اشتباكات، بعضها مسلح، بين مناصرين لـ"تيار المستقبل" السني و"حزب الله" الشيعي، وكذلك بين مناصري "حزب الله" ومناصرين لأحزاب مسيحية، وذلك بعد وقت قصير من مواجهات عنيفة شهدتها العاصمة اللبنانية بين متظاهرين وقوى الأمن والجيش اللبناني على خفية تجدد الاحتجاجات ضد الوضع الاقتصادي.

وبدأ التوتر منذ بعد ظهر اليوم، عندما اشتبك عدد من المتظاهرين مع القوى الأمنية والجيش اللبناني في وسط بيروت، غداة قيامهم بأعمال شغب، شملت تحطيم محلات تجارية ورشق العسكريين بالحجارة.

واستخدمت القوى الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، بعد دعوتها المتظاهرين السلميين إلى إخلاء المكان.

وبحلول الساعة السادسة مساءاً، بالتوقيت المحلي، كان وحدات الجيش اللبناني والأمن الداخلي قد تمكنت من احتواء الموقف، بعدما أسفرت المواجهات عن جرح نحو 40 شخصاً بحسب ما قال مسعفون لـ"سبوتنيك".

وجاءت التظاهرة استجابة لدعوات أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، لكن بعض الداعين إليها رفعوا شعارات سياسية حساسة من بينها المطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 (2004)، والذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات غير الشرعية، بما يشمل "حزب الله".

وتوزع المتظاهرون بين ثلاث فئات، الأولى تضم تحالف "ثوار 17 تشرين الأول"، الذين رفعوا مطالب اقتصادية-اجتماعية من بينها محاربة الفساد واستعادة الأملاك والأموال العامة المنهوبة، والثانية تضم مؤيدين لـ"تيار المستقبل"، ولا سيما المناصرين لوزير العدل الأسبق أشرف ريفي وبهاء الحريري، شقيق رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وقد رفعوا شعارات مناوئة لـ"حزب الله" واشتبكوا مع مناصري الحزب على مقربة من مكان التظاهر في ساحة الشهداء. أما الفئة الثالثة، فتضم حزب "الكتائب اللبنانية" (مسيحي) و"حزب سبعة" (مجتمع مدني)، وقد رفعت مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وعلى أثر فض التظاهرات في وسط بيروت، شهدت منطقة الشياح -عين الرمانة في الضاحية الجنوبية لبيروت اشتباكات بين مناصرين لـ"حزب الله" وآخرين من أحزاب مسيحية، سرعان ما تدخل الجيش اللبناني لاحتوائها.

الجدير بالذكر أن منطقة الشياح (ذات الغالبية الشيعية) وعين الرمانة (ذات الغالبية المسيحية) تعد من أكثر المناطق ارتباطاً بالتوترات بين المسلمين والمسيحيين، ومنها انطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان/أبريل العام 1975، وظلت طوال سنوات الحرب الخمسة عشرة خط تماس بين بيروت الشرقية (المسيحية) وبيروت الغربية (المسلمة).

وفي وقت لاحق، شهدت منطقة كورنيش المزرعة ووطى المصيطبة في بيروت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين مناصرين لـ"تيار المستقبل" ومناصرين لـ"حزب الله"، على خلفية هتافات ترددت في إحدى التجمعات تضمنت إساءة للسيدة عائشة.

وبالرغم من أن الجيش اللبناني فرض انتشاراً مكثفاً في هذه المنطقة لتطويق الاشتباكات، إلا أن الأجواء منتصف ليل اليوم كانت لا تزال متوترة.

وتزامن ذلك مع إقفال عدد من الطرقات الأساسية في مناطق عدة في البلاد، ولا سيما في طرابلس وعكار (شمال) والناعمة والجية (جنوب بيروت).

وتوجه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي يتزعم "تيار المستقبل"، إلى "المواطنين كافّة الّذين هالهم التعرّض لأم المؤمنين السيدة عائشة"، منبّهًا إلى "التزام حدود الوعي والحكمة، وعدم الانجرار لأيّ ردّات فعل يمكن أن تهدّد السلم الأهلي، وتفسح في المجال أمام الجهلة لإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد".

وشدد الحريري على أن "أيّ تطاول على السيدة عائشة أمر مشين ومرفوض، أصابنا جميعًا في الصميم، ويشكّل إهانة لكلّ المسلمين دون استثناء وليس لطيفٍ واحدٍ من أطيافهم، وهو ما كان محلّ استنكار وإدانة عن أولي الأمر في السياسية ورجال الدين من أخوتنا في  الطائفة الشيعية ، بمثل ما صدر عن أهل السنة و دار الفتوى  تحديداً".

وأضاف "ندائي إلى الأهل والأحبّة كافّة في كلّ المناطق، أن نأخذ بدعوة دار الفتوى وتحذير جمهور المسلمين، مِن الوقوع في فخّ الفتنة المذهبيّة. لَعن الله الفتنة ومن يوقظها".

بدوره، اعتبر  حزب الله  أن ما صدر من إساءات وهتافات من قبل بعض الأشخاص مرفوض ومستنكر ولا يعبر إطلاقاً عن القيم الأخلاقية والدينية لعامة المؤمنين والمسلمين.

وذكر حزب الله في بيان بـ"الموقف الشرعي والديني لسماحة الإمام القائد  السيد علي الخامنئي، وفتواه المعروفة بحرمة التعرض لزوجات الرسول ص وأمهات المؤمنين وعامة مقدسات المسلمين"، محذراً من "مسببي الفتن والمستفيدين منها وكل أولئك الذين يروجون للفتنة ويدعون لها"، ورافضاً "كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتوتر المذهبي والطائفي والديني".