وزيرة سورية سابقة لسبوتنيك: الوضع الاقتصادي المتأزم يستلزم جهودا استثنائية ورؤى غير نمطية

(پاکستان پوائنٹ نیوز / سبوتنيك - 06 أبريل 2021ء) محمد معروف. قالت الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السورية السابقة في لقاء مع وكالة سبوتنيك إن "الوضع الاقتصادي السوري تأزم كثيرا في الفترة الماضية تزامنا مع  حالة الاستعصاء في المشهد السياسي واقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية"​​​.

وأضافت عاصي، في مقابلة مع وكالة سبوتنيك، إن "الخروج من هذا الوضع  ليس بديهيا وتلقائيا، بل يستلزم جهودا استثنائية لمحاصرة وتخفيف حالة الفقر والعوز لمعظم السوريين. هذه الجهود يجب أن تتركز على زيادة الإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي وخلق فرص العمل".

واقترحت الدكتورة عاصي، التي شغلت منصب وزيرة الاقتصاد خلال عامي 2010 و2011 في حكومة محمد ناجي عطري، عددا من النقاط للخروج من هذا الوضع المتأزم أهمها كسر القوالب النمطية والبيروقراطية الجامدة التي بقيت الإدارات المختلفة تدور فيها. وقالت "ذلك أمر ضروري وأساسي لخلق واقع اقتصادي حيوي أفضل، وإعادة النظر بمؤسسات وورش ومشاريع قطاع الظل، والسماح لها بالإنتاج والعمل بدون أي معوقات بيروقراطية، فقط اشتراط الالتزام بالمواصفات ومعايير الجودة".

وتابعت موضحة "هذا يعتبر تدخلا إيجابيا وفعالا لرفع الناتج المحلي الإجمالي على قاعدة (دعه يعمل دعه يمر)، من دون استدعاء التجليات الرأسمالية للمصطلح، والهدف هنا زيادة الإنتاج فقط في هذه الظروف الاستثنائية. والاهتمام الشديد بإعادة هيكلة الإيرادات العامة".

وأضافت عاصي "عندما نتحدث عن الإيرادات العامة لا نقصد بذلك الضرائب ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي فقط، بل رفع كفاءة إدارة الملكيات العامة [المؤسسات الإنتاجية والخدمية المملوكة للدولة بالإضافة للعقارات والأراضي]، وتبني سياسات اقتصادية ومالية ونقدية الهدف منها ترشيد الصادرات والواردات وتحسين وضع الخزينة العامة كشرط أساسي لتتمكن الدولة من التدخل الفعال في الحياة الاقتصادية لإحداث التعافي، ومعروف أنه في الأزمات لا بد من تدخل الدولة للخروج من هذا النفق المظلم".

وعن سبب الانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، قالت الدكتورة عاصي "العملات بشكل عام، لها وظائف متعددة أهمها أنها تعتبر وسيلة مقبولة للتبادل ولقياس قيمة السلع والخدمات، إضافة إلى أن العملة تلعب دور المخزن الآمن للقيمة وبالتالي للثروة، وإذا لم تستطع النقود بأن تقوم بتلك الوظائف الأساسية، بالتأكيد ستفقد الكثير من سعرها وسيؤدي ذلك إلى اهتزاز الثقة بالعملة وهذا ما حدث بالنسبة لليرة السورية، وبهذا الإطار، لا يمكن أن نحسب سعر العملة فقط قياسا للناتج الإجمالي المحلي والكتلة النقدية المتداولة حسب ما تقول بعض التصريحا�

� الرسمية وأن ارتفاع سعر الصرف ناجم عن المضاربة فقط إضافة إلى عوامل نفسية وبأنه سعر وهمي، والحقيقة أن الأسواق أثبتت عدم واقعية تلك التصريحات والدليل أن المواطن العادي يجد أن أسعار السلع في الأسواق تتأثر بسعر الصرف يوميا وحتى السلع الحكومية فقد تم تعديلها ورفعها حسب على سعر الصرف".

وحول الأنباء المتداولة عن  شراء بنك بيمو السعودي الفرنسي لبنك "عودة/سوريا" وتفسير هذه الخطوة بأنها خطوة من السعودية للتقارب مع سوريا، قالت الدكتورة عاصي "أعتقد أن صفقة الاستحواذ للبنك السعودي الفرنسي (بيمو ) وشراؤه لـ 49 بالمئة من أسهم بنك عودة تتعلق بوضع بنك عودة وخصوصا الأزمة المالية في لبنان حيث مقره الرئيسي لا تعدو هذه الصفقة أن تكون تجارية بحتة ليس لها مدلولات سياسية حتى لو رغب البعض في أن يعطيها طابعا سياسيا".

وعن مدى صحة الأنباء حول العملة الإلكترونية في سوريا، قالت الدكتورة عاصي "فعلا صدرت تصريحات من إدارات في البنك المركزي حول وجود دراسة لإصدار عملة رقمية، أولا أريد أن أنوه إلى أن العملات الرقمية مختلفة عن العملات المشفرة مثل البيتكوين واللايتكوين وغيرهما، حيث أن العملات الرقمية تقوم بإصدارها البنوك المركزية ويكون لها سجل وسيطرة من البنك المركزي بينما العملات المشفرة ليس لها سجل في أي من البنوك المركزية ولا سيطرة عليها من أحد كما هو معروف والعملات المشفرة تعتمد على سلسلة من العمليات الرياضية المعقدة والأجهزة الكمبيوترية المجهزة ببرامج مع

دة لإضافة سجلات معينة حسب تقنية البلوك تشين فيما يسمى التعدين".

وأضافت "بشكل عام أعتقد أنه في سوريا المشكلة لها أبعاد اقتصادية وسياسية، وليست متعلقة بموضوع العملات أي أن العملات الرقمية التي بفرض أصدرها المركزي لن تحل المشكلة.

وتساءلت الدكتورة عاصي عما إذا كانت العملة السورية تصلح اليوم كمخزن آمن للقيمة في ظل التذبذب الحاصل في سعر الصرف؟؟ هل تصلح الليرة السورية كوسيلة لقياس القيمة بالنسبة للسلع والخدمات على المدى المتوسط ؟؟؟

وقالت" السؤال الأهم ... هل الحالة الرقمية والتكنولوجية في سوريا تسمح بوجود مثل تلك العملة وتداولها حاليا ؟؟؟, طبعا ستكون الأجوبة بالنفي، لذلك لا اعتقد أن مثل هذه الدراسة ممكنة التنفيذ على الأقل في الوقت الراهن".

أما بالنسبة للعملات المشفرة مثل البيتكوين، وبالرغم من تحقيقها لمكاسب كبيرة حيث وصل سعرها لحوالي 58 ألف دولار، فإنه يثار الكثير من الجدل حول ما اذا كانت العملات المشفرة قادرة على القيام بوظائف العملات الأساسية.

وتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي بالسوق الموازية في دمشق اليوم 3500 ليرة سورية، فيما ظلت ثابتا عند مستوى 1250 ليرة في التعاملات الرسمية بالبنوك.

وكان سعر صرف الدولار، قبل أعمال العنف التي عانتها الساحة السورية منذ آذار/مارس 2011، يساوي 47 ليرة سورية.

وأدى انهيار الليرة إلى ارتفاع مستوى التضخم، وغلاء أسعار السلع الأساسية.

وبلغت خسائر الاقتصاد السوري منذ عام 2011 وحتى مطلع العام الجاري، بحسب تقارير عدة، 530 مليار دولار، وهو ما يعادل 9.7 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بالأسعار الثابتة.

جوجل بلس شارك في واتس ایب